الْمَدَائِنِيّ عَن أَبِي اليقظان عَن جويرية بْن أسماء قَالَ: قام رجل من أَهْل اليمن إِلَى عَبْد الْمَلِكِ وهو يخطب، فَقَالَ: إن مُحَمَّد بْن يوسف- يعني أخا الحجاج، وَكَانَ عَلَى اليمن- يسفك الدم الحرام، ويأخذ المال الحرام، فَقَالَ:
اجلس فجلس، ثُمَّ قام فَقَالَ مثل مقالته، فَقَالَ لَهُ: ويحك اجلس فجلس، ثُمَّ قام فَقَالَ مثل مقالته فَقَالَ لَهُ عَبْد الْمَلِكِ: لقد هممت أن أقتلك، قَالَ:
مَا قمت هذا المقام إلا وبطن الأرض أحب إلي من ظهرها إني سمعت أنه تكون نبوة، ثُمَّ خلافة ورحمة، ثُمَّ ملك وجبرية، فقد ذهبت النبوة والخلافة، وهذه الجبرية.
المدائني قال: قال عبد الملك بن مروان لأمية بْن عَبْد اللَّه بْن خَالِد بْن أسيد: مالك ولابن حرثان؟ قَالَ: إنه أتى حدا فأقمته عَلَيْهِ، قَالَ: أفلا درأت عنه بالشبهة؟ قَالَ: كَانَ الأمر أظهر من ذَلِكَ، قَالَ: أما والله لقد أوجعك ولوددت أنك كنت سلمت منه، وما سرني أني هجيت، وأن لي مثل كل شيء أصبحت أملكه، وَكَانَ الَّذِي قَالَ فيه ابْن حرثان:
أضاع أَمِير الْمُؤْمِنِينَ ثغورنا ... وأطمع فينا المشركين ابْن خالد
وبات عَلَى حور الحشايا [1] ممهدا ... يعانق أمثال المها فِي المجاسد
وبتنا قياما فِي الحديد وتارة ... سجودا نناجي ربنا فِي المساجد
إذا هتف العصفور ريع فؤاده ... وليث حديد الضرس عند الثرائد
وَقَالَ أَبُو اليقظان: حَدَّثَنَا جويرية بْن أسماء قَالَ: كَانَ لعَبْد الْمَلِكِ بيت مال لا يدخله إلا مال طيب لم يظلم فيه مسلم ولا معاهد وقد عرف وجوهه،