قالوا: وأقام عبيد اللَّه بْن بشير بْن الماحوز بعد غرق حارثة بنهر تيرى يجبي مَا حوله، وبعث الزُّبَيْر بْن علي، وهو ابْن عمه، إِلَى الفرات فجباه، وَكَانَ فِي جماعة، ثُمَّ إنه أتي الجسر الأكبر بالبصرة، فقطع النَّاس الجسر الأكبر فعقده، وعبر فصار بين الجسرين، وخرج النَّاس إِلَيْهِ فِي السفن وعلى الدواب، فلما انتهوا إِلَيْهِ خرج النَّاس من السفن فاسودت الأرض، فلما رأى كثرة النَّاس قَالَ: أبى قومكم إلا كفرا، ورجع حَتَّى عبر الجسر.
وفزع النَّاس إِلَى الأحنف بْن قيس فأتى الأحنف القباع، فشكا إِلَيْهِ مَا النَّاس فيه، فَقَالَ: أشيروا علي بمن أولي؟ فأشار قوم بمالك بْن مسمع الجحدري، وأشار قوم بزياد بْن عَمْرو العتكي، فَقَالَ الأحنف: لا أرى لهم غير المهلب، فكلم القباع المهلب وَقَالَ لَهُ: إن أَهْل مصرك قد ارتضوك ورجوك وأملوا أن يقمع اللَّه هذا العدو بك، فَقَالَ المهلب: لا حول ولا قوة إلا بالله إني عند نفسي لدون مَا قالوا، وقد ولاني أَمِير الْمُؤْمِنِينَ عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْرِ خراسان، وأمرني بأمر فأنا أكره ترك أمره، فَقَالَ الأحنف: يَا أبا سعيد لو أتيت عملك لم تنتفع بِهِ مَعَ هؤلاء لا طلالهم عَلَى مصرك ومن تخلف من أهلك، ونحن نكتب إِلَى أَمِير الْمُؤْمِنِينَ فيعفيك مما ولاك، وتكتب إِلَيْهِ فتستعفيه وتعلمه مَا رغبنا فيه إليك، فكتبوا وكتب فأجابهم ابْن الزُّبَيْرِ إِلَى مَا سألوا، ويقال إنهم زوروا كتابا، واشترط المهلب أن ينتخب من أحب من المقاتلة فَقَالُوا لَهُ: ذاك لك، وأن يكون والي كل بلد تغلب عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ القباع: ذاك لك، ويقال: إنه سأل أيضا خراج مَا غلب عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ القباع:
ذاك للمسلمين، فإن أخذته كنت وعدوهم سواء، ولكن لك مَا فضل من أعطيات أصحابك، فكتب لَهُ بما سأل كتاب وضع عَلَى يد الصلت بْن حريث