يحمل عَلَى رجليه حَتَّى يبلغ الأبطح كأنه أسد فِي أجمة، ثُمَّ يرجع إِلَى المسجد، وقد جعل الحجاج يومئذ عَلَى كل باب أَهْل جند من أجناد الشام، وجعل ابْن الزُّبَيْرِ يقول:

إني إذا أعرف يوم أصبر ... والصبر أولى بالفتى وأعذر

وبعضهم يعرف ثُمَّ ينكر

وَقَالَ أَبُو مخنف وعوانة فِي روايتهما: قَالَ حمزة بْن الزُّبَيْرِ لعَبْد اللَّهِ: لو رقيت فوق الكعبة يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قاتلنا حولك حَتَّى نقتل جميعا قبلك، فَقَالَ ابْن الزُّبَيْرِ:

أبى لابن سلمى أنه غير خالد ... حذار المنايا أي وجه تيمما

فلست بمبتاع الحياة بسبة ... ولا مرتق من خيفة الموت سلما

ثُمَّ قَالَ لأصحابه: أيكم طلبني، فإني فِي الرعيل الأول.

وقيل لَهُ لو لحقت بموضع كذا؟ فَقَالَ: لبئس الشيخ أنا فِي الإسلام لئن أوقعت قوما فقتلوا، ثُمَّ فررت عَن مثل مصارعهم، وَقَالَ لمن بقي مَعَهُ:

غضوا أبصاركم عَن البارقة، وعضوا عَلَى النواجذ، ولينظر رجل كيف يضرب، ولا تخطئوا مضاربها فتكسروها، فإن الرجل إذا كَانَ أعضب لا سيف مَعَهُ أخذ أخذا كما تؤخذ المرأة وَكَانَ يقول:

لا عهد لي بغارة مثل السيل ... لا ينقضي غبارها حَتَّى الليل

قالوا: وقاتل ابْن مطيع حَتَّى قتل وهو يقول:

أنا الَّذِي فررت يَوْم الحرة ... والحر لا يفر إِلا مرة

فاليوم أجزي فرة بكرة

ويقال: إنه أصابته جراح فمات منها بعد أيام، وذلك أثبت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015