فَرْدًا وَلَمْ يُعَزَّ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْبَاطِلِ ولو كان الناس معه طرّا، إنّه أَتَانَا خَبَرٌ مِنَ الْعِرَاقِ حَزَنَنَا وَأَفْرَحَنَا، وَسَاءَنَا وَسَرَّنَا، أَتَانَا قَتْلُ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَحِمَهُ اللَّهُ، فَأَمَّا الَّذِي حَزَنَنَا مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ لِفِرَاقِ الْحَمِيمِ لَوْعَةٌ يَجِدُهَا حَمِيمُهُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ، ثُمَّ يَرْعَوِي ذَا الرَّأْيِ وَالدِّينِ وَالْحِجَى وَالنُّهَى إِلَى جَمِيلِ الصَّبْرِ، وَكَرِيمِ الْعَزَاءِ، وَأَمَّا الَّذِي سَرَّنَا مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّا قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ قَتْلَهُ شَهَادَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ ذَلِكَ لَنَا وَلَهُ خِيرَةً، إِنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ أَهْلُ الْغَدْرِ وَالنِّفَاقِ أَسْلَمُوهُ وَبَاعُوهُ بِأَقَلِّ ثَمَنٍ وَأَخَسِّهِ فَقُتِلَ. وَإِنَّ قُتِلَ فَمَهْ، قَدْ قُتِلَ أَبُوهُ وَعَمُّهُ [1] وَهُمَا مِنَ الْخِيَارِ الصَّالِحِينَ، إِنَّا وَاللَّهِ مَا نَمُوتُ حَبَجًا، مَا نَمُوتُ إِلا قَتْلا قَعْصًا بِأَطْرَافِ الأَسِنَّةِ وَظِبَاةِ السُّيُوفِ، لَيْسَ كَمَا يَمُوتُ بنو مروان في حجالهم، فو الله مَا قُتِلَ مِنْهُمْ رَجُلٌ قَطُّ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلا إِسْلامٍ، وَلَئِنِ ابْتُلِيتُ بِالْمُصِيبَةِ بِمُصْعَبٍ، لَقَدِ ابْتُلِيتُ قَبْلَهُ بِالْمُصِيبَةِ بِإِمَامِي عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، أَلا وَإِنَّمَا الدُّنْيَا عَارِيَةٌ مِنَ الْمَلِكِ الْجَبَّارِ الَّذِي لا يَزُولُ مُلْكُهُ، وَلا يَبِيدُ سُلْطَانُهُ فَإِنْ تُقْبِلْ عَلَيَّ لا آخُذُ الأَشِرَ الْبَطَرَ، وَإِنْ تُدْبِرْ عَنِّي لا أَبْكِ عَلَيْهَا بُكَاءَ الْخَرِفِ الْهَتِرِ [2] ، ثُمَّ نَزَلَ وَهُوَ يَقُولُ:

خُذِينِي فجريني ضباع وأبشري ... بلحم امرئ لم يشهد الْيَوْمَ نَاصِرُهْ

قَالُوا: وَتَمَثَّلَ عَبْدُ اللَّهِ حِينَ قُتِلَ مُصْعَبٌ:

لَقَدْ عَجِبْتُ وَمَا بِالدَّهْرِ مِنْ عجب ... أنّي قتلت وأنت الحازم البطل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015