ودلف أهل الشام لمحاربتهم حِينَ أصبحوا فوجدوهم قَدْ مضوا فلم يتبعوهم، وسار رفاعة بالناس فأسرع وخلف وراءهم أبا الجويرية العبدي فِي سبعين فارسًا لحمل من سقط من الرجال، وقبض مَا وجد من المتاع وحفظه عَلَى أهله وتعريفه، فلما مروا بزفر بْن الْحَارِث بقرقيسيا بعث إليهم من الطعام والعلف بمثل الَّذِي كَانَ بعث بِهِ فِي بدأتهم، وأرسل إليهم الأطباء والأدوية، وَقَالَ: أقيموا عندنا إِن أحببتم فَإِن لكم الكرامة والمواساة، فأقاموا ثلاثًا، ثُمَّ زودهم وساروا فأقبل ابْن زِيَاد يريد زفر بْن الْحَارِث.
وجاء سَعْد بْن حذيفة بْن اليمان من المدائن حَتَّى انتهى إِلَى هيت، فاستقبله الأعراب فأخبروه بِمَا لقي النَّاس فانصرف، ولقي سَعْد المثنى بْن مخربة بصندوداء فأخبره الْخَبَر، فأقاما فيمن معهما حَتَّى قيل لهما إِن رفاعة قَدْ أظلكما فاستقبلوه فبكى بَعْضهم إِلَى بَعْض، وانصرف سَعْد بْن حذيفة بمن مَعَهُ إِلَى المدائن، وانصرف أهل الكوفة إِلَى الكوفة، وانصرف ابْن مخربة إِلَى البصرة.
وقوم يزعمون: إِن سَعْد بْن حذيفة كَانَ وجه إِلَى أهل عين الوردة ابْن الحصل يبشرهم بإقبالهم إليهم ليقووا منتهم وتطيب أنفسهم، وأن ابْن مخربة وافاهم بقبر الْحُسَيْن عَلَيْهِ السَّلام فِي بدأتهم وشهد حربهم والله أعلم.
وقال هشام ابن الكلبي عَنْ أَبِيهِ: قتل بعين الوردة حجر بْن عوضة بْن حجر بْن مَالِك بْن ذي العينين، واسم ذي العينين مُعَاوِيَة بْن مَالِك بْن الْحَارِث بْن بداء الكندي، وَبَعْض الرواة يَقُول عوضة وَذَلِكَ خطأ.
وَقَالَ الهيثم بْن عدي: بعث حصين بْن نمير إِلَى سُلَيْمَان بْن صرد حِينَ التقوا إنى أعرف لَك حقك وسنك وقرابتك، وأنا اكره قتالك، فبعث إليه