1378- قَالُوا: وكتب عُثْمَان رَضِيَ اللَّه تَعَالَى عَنْهُ إِلَى أمرائه فِي القدوم عَلَيْهِ للذي رأى من ضجيج النَّاس وشكيتهم، فقدم عَلَيْهِ مُعَاوِيَة من الشام وعبد اللَّه بْن سَعْد بْن أَبِي سرح من المغرب وعبد اللَّه بْن عامر بْن كريز من البصرة وسعيد بْن العاص من الكوفة، فأما مُعَاوِيَة فَقَالَ لَهُ: أعدني وعمالك إِلَى أعمالنا وخذنا بِمَا تَحْتَ أيدينا، وأشار عليه أيضا بالمسير إِلَى الشام فأبى وَقَالَ: لا أخرج من مهاجر رَسُول اللَّهِ وجوار قبره ومسكن أزواجه، فعرض عَلَيْهِ أَن يوجه إِلَيْهِ جيشا يقيم مَعَهُ فيمنع منه فَقَالَ: لا أكون أول من وطئ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنصاره بجيش، وَأَمَّا سَعِيد بْن العاص فَقَالَ لَهُ: إِنَّمَا دعا النَّاس إِلَى الشكية وسوء القول الفراغ فاشغلهم بالغزو، وَأَمَّا ابْن عامر فَقَالَ: إِن النَّاس نقموا عليك فِي المال فأعطهم إياه، فردهم إِلَى أعمالهم.
وَقَالَ عَلِي: [يا عُثْمَان إِن الحق ثقيل مريء وإن الباطل خفيف وبيء، وإنك مَتَى تصدق تسخط ومتى تكذب ترض،] وَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ: إنك قَدْ أحدثت أحداثًا لَمْ يكن النَّاس يعهدونها، فَقَالَ عُثْمَان: مَا أحدثت حدثًا ولكنكم أظناء تفسدون عَلِي النَّاس وتؤلبونهم.
وَكَانَ «1» علباء بْن الهيثم السدوسي قَدْ شخص مَعَ سَعِيد بْن العاص إِلَى الْمَدِينَةِ ليقرظه ويثني عَلَيْهِ لأنه سَأَلَهُ ذَلِكَ، وأحب علباء أيضًا أَن يلقي عليا ويعلم حال عُثْمَان وَمَا يَكُون منه، فلما رأى أَن عُثْمَان قَدْ عزم عَلَى رد عماله تعجل إِلَى الكوفة عَلَى ناقة لَهُ، فلما قدمها قَالَ: يا أهل الكوفة هَذَا أميركم الَّذِي يزعم أَن السواد بستان لَهُ قَدْ أقبل، واغتنم أهل الكوفة غيبة مُعَاوِيَة عَنِ الشام فكتبوا إِلَى إخوانهم الَّذِينَ بحمص مَعَ هانئ بْن خطاب الأرحبي (944) يدعونهم إِلَى القدوم ويشجعونهم عَلَيْهِ ويعلمونهم أَنَّهُ لا طاعة لعثمان مع إقامته على ما ينكر منه، فسار إليهم هانئ بْن خطاب مغذا للسير راكبا للفلاة، فلما قرءوا كتاب أصحابهم أقبل الأشتر والقوم المسيرون حَتَّى قدموا الكوفة فأعطاه القرّاء والوجوه