علمت أَن العرب والعجم يبقون هملا ويصلح أمر قريش فَقَط لفديتك بدم النواظر، ولكنه والله مَا اجتمع فحلان فِي هجمة قط إلا قتل أحدهما صاحبه «1» ، قم يا عَبْد الْعَزِيز فاضرب عنقه، وخرج عَبْد الْمَلِك لصلاة العصر فَإِذَا يَحْيَى بْن سَعِيد قَدْ وافى فِي ألف من مواليه من أهل حمص، فلما أحس بِهِ عَبْد الْمَلِك أمسك أنفه بيده كالرعيف وقدم ابْن أم الحكم الثقفي وَكَانَ خلفه، فصلى ابْن أم الحكم بالناس، ودخل عَبْد الْمَلِك القصر فَقَالَ لعبد الْعَزِيز: مَا صنعت؟ قَالَ: يا أمِير الْمُؤْمِنيِنَ ناشدني اللَّه والرحم فكرهت قتله، فَقَالَ: أخزى اللَّه أمك البوالة عَلَى عقبيها فإنك لَمْ تشبه غيرها- وكانت أمه ليلى بنت زبان «2» بْن الأصبغ الكلبي- أدنه يا غلام، فأضجع لَهُ ثُمَّ ذبحه بيده بالسَيْف ذبحًا وَهُوَ يَقُول «3» :
(902) يا عَمْرو إلا تدع شتمي ومنقصتي ... أضربك حيث تقول الهامة اسقوني
قَالَ: وانقضت الصلاة وخرج يَحْيَى بْن سَعِيد إِلَى الباب فِي مواليه وأَصْحَابه، فكثر ضجيجهم وجعلوا يقولون: أسمعنا صوتك يا أبا أمية، فخرج إليهم الْوَلِيد بْن عَبْد الْمَلِك فِي موالي عَبْد الْمَلِك وغيرهم فناوشوهم فأصابته ضربة عَلَى إليته وَذَلِكَ الصحيح- ويقال عَلَى رأسه- فأخذه ابْن أرقم «4» فأدخله بيتا وأجاف عَلَيْهِ الباب، ودخل عَبْد الرَّحْمَنِ بْن أم الحكم من بَاب الْمَسْجِد فقال لعبد الملك: أيّها الرجل مَا صنعت فَقَدْ جل «5» الخطب؟ قَالَ: قتلته، قَالَ: أصاب اللَّه بك الخير والرشد «6» ، فأخذ ابْن أم الحكم الرأس فرمى بِهِ إِلَى أَصْحَاب الأشدق فانكسروا حِينَ يئسوا منه، وأمر عَبْد الْمَلِك ببيت المال ففتح ونادى فِي النَّاس أَن أحضروا أعطياتكم، فأقبل النَّاس وتركوا مَا كَانُوا فِيهِ.
ووضع لعبد الْمَلِك سرير فخرج فجلس عَلَيْهِ وَهُوَ يَقُول: أين الْوَلِيد والله لئن كانوا أصابوه