ثُمَّ اقتتل هدبة ورهطه وزيادة ورهطه، فقتل هدبة زيادة وجدع زيادة أنف هدبة، وهرب هدبة والنفر الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ فلحقوا باليمن وَقَالَ (?) :
ألا ليت الرياح مسخرات ... لحاجتنا تباكر أَوْ تؤوب
فتخبرنا الشمال إِذَا التقينا ... وتخبر أهلنا عنا الجنوب
ثُمَّ إِن رهط زيادة استعدوا مُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَان عَلَى هدبة، فكتب لَهُمْ إِلَى سَعِيد بْن العاص، وَهُوَ عامل الْمَدِينَة، يأمره بإعدائهم عَلَى هدبة، وأن ينظر فِي دعواهم عَلَيْهِ، وأن يطلبه طلبا حثيثا، وأن يأخذ بِهِ أولياءه، فأخذ عمه وأهله فحبسهم فِي السجن حينا، فلما بلغ هدبة ذَلِكَ أتى السلطان فوضع يده فِي يده كراهة أَن يسلم عمه وأهله، فأمر سَعِيد بحبس هدبة وخلى سبيل من حبس بسببه ووهب لَهُمْ مالًا، وسأل أولياء زيادة سعيدًا أَن ينظر فِي أمرهم فأخر ذَلِكَ وأبطأ بِهِ، وَكَانَ هدبة قَدْ مدحه، وعرض عَلَيْهِم أَن يدي صاحبهم عَنْهُ ثَلاث ديات، فأبوا وَقَالُوا: ارفعنا إِلَى أمِير الْمُؤْمِنيِنَ مُعَاوِيَة، فَقَالَ هدبة (?) :
ألا يا لقوم (?) للنوائب والدهر ... وللمرء يردي نَفْسه وَهُوَ لا يدري
وللأرض كم من صَالِح قَدْ تلاءمت (?) ... عَلَيْهِ فوارته بداوية قفر
ولما دخلت السجن يا أم مَعْمَر ... ذكرتك والأطراف فِي حلق سمر
وَلَمْ يزالوا بسعيد حَتَّى حملهم إِلَى مُعَاوِيَة ودس إِلَى هدبة صلة وكسوة، ونظر مُعَاوِيَة فِي أمرهم فقضى بقود (?) هدبة، وكتب بِذَلِكَ كتابًا مَعَ أولياء زيادة إِلَى سَعِيد فجعل لَهُمْ سَعِيد (?) عشر ديات عَلَى أَن لا يقتلوه، فأبى (?) أخوه وأهل بيته ذَلِكَ فأخرج فقتل، وَقَالَ حِينَ أخرج: