قال: دخل عبد الله بْنِ أُسَيْدٍ «1» عَلَى مُعَاوِيَةَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَرَأَى مِنْهُ جَزَعًا فَقَالَ: مَا جَزَعُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ إِنْ مِتَّ دَخَلْتَ الْجَنَّةَ، وَإِنْ حَيِيتَ فَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ حَاجَةَ النَّاسِ إِلَيْكَ، فَقَالَ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَاكَ إِنْ كَانَ لَنَا لَنَاصِحًا، نَهَانِي عَنْ قَتْلِ ابْنِ الأَدْبَرِ وَأَصْحَابِهِ.
707- الْمَدَائِنِيّ قَالَ: كتب مُعَاوِيَة إلى زياد: أنه قد تلجلج «2» فِي صدري شيء من أمر حجر، فابعث (810) إلي رجلًا من أهل المصر له فضل ودين وعلم، فأشخص إليه عبد الرحمن بْن أبي ليلى وأوصاه أن لا يقبح له رأيه فِي أمر حجر، وتوعده بالقتل إن فعل، قَالَ ابن أبي ليلى: فلما دخلت عليه رحب بي وقال: اخلع ثياب سفرك والبس ثياب حضرك، ففعلت وأتيته، فَقَالَ: أما واللَّه لوددت «3» أني لم أكن قتلت حجرًا، وودت أني كنت حبسته وأصحابه أو فرقتهم فِي كور الشام فكفتنيهم الطواعين، أو مننت بهم على عشائرهم «4» . فقلت: وددت واللَّه أنك فعلت واحدة من هذه الخلال، فوصلني فرجعت وما شيء أبغض إلي من لقاء زياد، وأجمعت على الاستخفاء، فلما قدمت الكوفة صليت فِي بعض المساجد، فلما انفتل الإمام إذا رجل يذكر موت زياد، فما سررت بشيء سروري بموته.
708- وحدثت عَنْ عثمان بْن مقسم البري عن الحسن، وكان مع الربيع بن زياد بناحية خراسان، قَالَ، قَالَ الربيع لما بلغه قتل حجر وأصحابه: ألا إن الفتنة قد كانت تكون ولم يكن قتل الصبر، وقد قتل حجر وأصحابه صبرًا، فهل من ثائر، هل من معين، هل من منكر؟! قَالَ ذلك مرارًا، فلم يجبه أحد، فَقَالَ: أما إذ أبيتم فستبتلون بالقتل صبرًا على الظلم.