واستخلف «1» ابن عباس حين غاضب عليًا وشخص إلى مَكَّة زيادًا، فكتب مُعَاوِيَة «2» إلى زياد يتوعده ويتهدده، فخطب الناس فَقَالَ: أيها الناس كتب إلي ابن آكلة الأكباد وكهف النفاق وبقية الأحزاب «3» يتوعدني، وبيني وبينه ابن عم رسول اللَّه «4» فِي سبعين «5» ألفًا، قبائع «6» سيوفهم عند أذقانهم، لا يلتفت أحد منهم حتى يموت، أما واللَّه لئن وصل هذا الأمر إليه ليجدني «7» ضرابًا بالسيف، فلما قُتل علي وصالح الحسن مُعَاوِيَة رضي اللَّه تعالى عنهم، واستقام الناس «8» له، تحصن زياد فِي قلعة بفارس هي تدعى قلعة زياد.
وبعث مُعَاوِيَة «9» بسر بْن أبي أرطاة إلى البصرة، وأمره بقتل من خالفه، وكان هواه مع علي، فلما قدم بسر البصرة أخذ بني زياد وهم عبيد اللَّه وسلم وعبد الرحمن والمغيرة و (أبو) حرب «10» ، وكانوا غلمانًا، فَقَالَ: لأقتلنكم أو ليأتيني زياد، فشخص أَبُو بَكْرة إلى مُعَاوِيَة (776) فكلمه فِي تخلية أولاد زياد وقال: أحداث ولا ذنب لهم «11» ، فكتب إلى بسر بتخلية سبيلهم، وكتب لزياد أمانًا، ويقال أن أبا بَكْرة طلب إلى بسر أن يؤجله أيامًا سماها ليأتي مُعَاوِيَة فيكلمه فِي بني زياد، فأجابه إلى ذلك، فلما كان آخر يوم من الأجل وقد طلعت الشمس أخرج بني زياد ليقتلهم، فبينا هو ينظر غروب الشمس إذ أقبل أَبُو بَكْرة وأعين الناس طامحة «12» ينتظرون قدومه، وهو على دابة له قد جهدها، حتّى أعطى