409- وَحَدَّثَنِي حَفْص بْن عُمَر عَن الْهَيْثَم بْن عَدِيٍّ عَنْ عَوَانَةَ قَالَ، قَالَ مُعَاوِيَةُ لابْنِهِ فِي وَصِيَّتِهِ: يَا بُنَيَّ إِنِّي قَدْ وَطَّأْتُ لَكَ الأَشْيَاءَ، وَأَذْلَلْتُ لَكَ الأَعْدَاءَ، وَأَخْضَعْتُ أَعْنَاقَ النَّاسِ بِبَيْعَتِكَ، فَانْظُرْ أَهْلَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ فَأَكْرِمْهُمْ، فَإِنَّهُمْ أَصْلُكَ وَمَنْصِبُكَ:

مَنْ «1» وَرَدَ عَلَيْكَ مِنْهُمْ فَأَكْرِمْهُ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِكَ فَابْعَثْ إِلَيْهِ بِصِلَتِهِ، وَانْظُرْ أَهْلَ الْعِرَاقِ فَإِنَّهُمْ أَهْلُ طَعْنٍ عَلَى الأمراء وملالة لهم، فإن يسألوك أن تبذل «2» لَهُمْ كُلَّ يَوْمٍ عَامِلا فَافْعَلْ، وَانْظُرْ أَهْلَ الشَّامِ فَلْيَكُونُوا بِطَانَتَكَ وَعَيْبَتَكَ وَحِصْنَكَ، فَمَنْ رَابَكَ أَمْرُهُ فَارْمِهِ بِهِمْ، فَإِذَا فَرَغُوا فَأَقْفِلْهُمْ إِلَيْكَ فَإِنِّي لا آمَنُ النَّاسَ عَلَى إِفْسَادِهِمْ «3» ، وَقَدْ كَفَاكَ اللَّهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَلَسْتُ أَخَافُ عَلَيْكَ إِلا حُسَيْنًا وَابْنَ عُمَرَ وَابْنَ الزُّبَيْرِ، فَأَمَّا حُسَيْنٌ فَلَسْتُ أَشُكُّ فِي وثوبه عَلَيْكَ، فَسَيَكْفِيكَهُ مَنْ قَتَلَ أَبَاهُ وَجَرَحَ أَخَاهُ، إِنَّ آلَ أَبِي طَالِبٍ قَدْ مَدُّوا أَعْنَاقَهُمْ إِلَى غَايَةٍ أَبَتِ الْعَرَبُ أَنْ تُعْطِيَهُمُ الْمَقَادَةُ فِيهَا، وَهُمْ مَحْدُودُونَ، وَأَمَّا ابْنُ عُمَرَ فَقَدْ وَقَذَهُ الإِسْلامُ وَشَغَلَهُ عَنْ مُنَازَعَتِكَ، وَأَمَّا ابْنُ الزُّبَيْرِ فَخَبٌّ خَدِعٌ فَإِذَا شَخَصَ إِلَيْكَ فَالْبَدْ لَهُ فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ عَلَى الْمُطَاوَلَةِ.

410- حَدَّثَنَا هشام بن عمار حدثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: تُوُفِّيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْن أَبِي بَكْر بِحَبَشِيٍّ «4» - وَهُوَ عَلَى اثْنَيْ عشر ميلًا «5» من مَكَّة- فحمل ودفن بمكة، فَلَمَّا قَدِمَتْ عَائِشَةُ مَكَّة مِنَ الْمَدِينَةِ أَتَتْ قَبْرَهُ فَقَالَتْ:

وَكُنَّا كَنَدْمَانِي جُذَيْمَةَ حِقْبَةً ... مِنَ الدهر حَتَّى قيل لن يتصدّعا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015