أَنْتَ الَّذِي طَعَنْتَ فِي الْخِلافَةِ وَتَنَقَّصْتَ أَهْلَهَا؟ وَاللَّهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَجْعَلَكَ نَكَالا، فَقَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ إِنَّمَا دَعَوْتَنِي لِهَذَا؟ وَاللَّهِ إِنَّ سَاعِدِي لَشَدِيدٌ، وَإِنَّ رُمْحِي لَمَدِيدٌ، وَإِنَّ سَيْفِي لَحَدِيدٌ، وَإِنَّ جَوَابِي لَعَتِيدٌ، وَلَئِنْ لَمْ تَأْخُذْ ما أعطيت بشكر لتنزعنّ «1» عَمَّا نَكْرَهُ بِصِغَرٍ، فَقَالَ: أَخْرِجُوهُ عَنِّي، فَأُخْرِجَ، فَقَالَتْ فَاخِتَةُ: مَا أَجْرَأَ «2» هَذَا وَأَقْوَى قَلْبَهُ!! فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا ذَاكَ إِلا لإِدْلالِهِ بِطَاعَةِ قَوْمِهِ لَهُ، ثُمَّ أَمَرَ الْحَاجِبَ فَأَدْخَلَ عَلَيْهِ رَجُلا مِنْ رَبِيعَةَ يُقَالُ لَهُ جَارِيَةُ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: إِيهٍ يَا جُوَيْرِيَةُ، أَنْتَ الَّذِي بَلَغَنِي عَنْكَ تَخْبِيبٌ لِلْجُنْدِ وَقِلَّةٌ مِنَ «3» الشُّكْرِ؟ فَقَالَ: وَعَلامَ نَشْكُرُ «4» ؟ مَا تُعْطِي إِلا مُدَارَاةً وَلا تَحْلُمُ إِلا مُصَانَعَةً، فَاجْهَدْ جُهْدَكَ، فَإِنَّ وَرَائِي مِنْ رَبِيعَةَ رُكْنًا شَدِيدًا لَمْ تَصْدَأْ أَدْرُعُهُمْ مُذْ جَلَوْهَا، وَلا كَلَّتْ سُيُوفُهُمْ مُذْ شَحَذُوهَا، فَقَالَ: أَخْرِجُوهُ، ثُمَّ أَمَر مُعَاوِيَةُ حَاجِبَهُ فَأَدْخَلَ إِلَيْهِ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ: إِيهٍ يَا عُبَيْدَ السُّوءِ، أَلْحَقْتُكَ بِالأَقْوَامِ وَأَطْلَقْتُ لِسَانَكَ بِالْكَلامِ، ثُمَّ يَبْلُغُنِي عَنْكَ مَا يَبْلُغُنِي مِنْ سُوءِ الإِرْجَافِ؟! لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أُخْرِجَكَ وَأَنْتَ عِبْرَةٌ «5» لأهل الشام، فقال: أيا مُعَاوِيَةَ أَلِهَذَا دَعَوْتَنِي، ثُمَّ صَغَّرْتَ اسْمِي وَلَمْ تَنْسِبْنِي إِلَى أَبِي؟ وَإِنَّمَا سُمِّيتَ مُعَاوِيَةَ بِاسْمِ كَلْبَةَ عَاوَتِ الْكِلابَ «6» ، فَارْبَعْ عَلَى ظِلْعِكَ فَذَلِكَ خَيْرٌ لَكَ، فَقَالَ لِحَاجِبِهِ: أَخْرِجْهُ، فَقَالَتْ فَاخِتَةُ:

صَانِعِ النَّاسَ بِجُهْدِكَ، وَسُسْهُمْ بِرِفْقِكَ وَحِلْمِكَ، فَأَخْزَى الله من لامك.

317- حدثني أبو حفص الشامي «7» قَالَ: بلغنا أن يزيد بْن مُعَاوِيَة قَالَ لأبيه: يا أمير المؤمنين متى يكون العلم ضارًا؟ قَالَ: إذا نقصت القريحة وفصلت الرواية «8» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015