أَنْفُسِكُمْ؟ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ عَمْرًا وَذَوِيهِ أَفْسَدُوكَ عَلَيْنَا وَأَفْسَدُونَا عَلَيْكَ، لَوْ أَغْضَيْتَ عَنْ هَذِهِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: إِنَّ عَمْرًا لِي نَاصِحٌ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَأَطْعِمْنَا مِصْرَ كَمَا أَطْعَمْتَهُ ثُمَّ خُذْنَا بِمِثْلِ نَصِيحَتِهِ، إِنَّا رَأَيْنَاكَ تَضْرِبُ عَوَامَّ قُرَيْشٍ بِأَيَادِيكَ فِي خَوَاصِّهَا، كَأَنَّكَ تَرَى أَنَّ كِرَامَهَا جَازَوْكَ عَنْ لِئَامِهَا، وَلَعَمْرُ اللَّهِ إِنَّكَ لَتُفْرِغُ مِنْ وِعَاءٍ ضَخْمٍ فِي إِنَاءٍ فَعْمٍ «1» ، وَكَأَنَّكَ بِالْحَرْبِ قَدْ حَلَّ عَلَيْكَ عِقَالُهَا ثم لا ينظر «2» إِلَيْك، فَقَالَ مُعَاوِيَة: يَا ابْن أَخِي مَا أَحْوَجَ أَهْلُكَ إِلَيْكَ، ثُمَّ قَالَ معاوية:

أغرّ رجالا من قريش تتايعوا «3» ... عَلَى سَفَهٍ مِنِّي الْحَيَا وَالتَّكَرُّمُ

289- الْمَدَائِنِيُّ عَنْ مَسْلَمَةَ قَالَ، قَالَ قَوْمٌ مِنْ قُرَيْشٍ: مَا نَظُنُّ مُعَاوِيَةَ أَغْضَبَهُ شَيْءٌ قَطُّ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلَى إِذَا ذُكِرَ مِنْ أُمِّهِ «4» غَضِبَ، فَقَالَ مالك ابن أَسْمَاءَ الْمُنَى الْقُرَشِيُّ وَهِيَ أُمُّهُ، وَإِنَّمَا قِيلَ لَهَا الْمُنَى لِجَمَالِهَا: وَاللَّه لأُغْضِبَنَّهُ إِنْ جَعَلْتُمْ لِي جُعْلا، فَجَعَلُوا لَهُ جُعْلا رَضِيَ بِهِ، فَأَتَى مُعَاوِيَةُ وَقَدْ حَضَرَ الْمَوْسِمُ فَقَالَ لَهُ فِي جَمَاعَةٍ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا أَشْبَهَ عَيْنَيْكَ بِعَيْنَيْ أُمِّكَ، قَالَ: تَانِكَ عَيْنَانِ طَالَ ما أعجبتا أبا سفيان، انظر يا ابن أَخِي إِلَى مَا أُعْطِيتَ مِنَ الْجُعْلِ فَخُذْهُ، وَلا تَتَّخِذْنَا مَتْجَرًا، ثُمَّ دَعَا مُعَاوِيَةُ مَوْلاهُ سَعْدًا فَقَالَ لَهُ: أَعْدِدْ لأَسْمَاءَ الْمُنَى دِيَةَ ابْنِهَا فَإِنِّي قَدْ أَقْتَلته «5» ، فَرَجَعَ مَالِكٌ فَأَخَذَ جعله، فقال له رجل: لك ضعفا جُعْلِكَ إِنْ أَتَيْتَ عَمْرَو بْنَ الزُّبَيْرِ فَقُلْتَ لَهُ كَمَا قُلْتَ لِمُعَاوِيَةَ، وَكَانَ عَمْرٌو ذَا نَخْوَةٍ وَكِبْرٍ، فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ: مَا أَشْبَهَكَ بِأُمِّكَ يَا عَمْرُو، فَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَ حَتَّى مَاتَ، فَبَعَثَ مُعَاوِيَةُ بِدِيَتِهِ إِلَى أُمِّهِ وَقَالَ:

أَلا قُلْ لأَسْمَاءَ الْمُنَى أُمِّ مَالِكٍ ... فَإِنِّي لعمر الله أقتلت مالكا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015