يُدْخِلَهُمَا مَعًا، فَقَالَ وَاثِلَةُ. يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لِمَ أَذِنْتَ لَهَذَا قَبْلِي وَلِي صُحْبَةٌ بِرَسُولِ اللَّهِ (723) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِي السِّنُّ عَلَيْهِ؟ قَالَ مُعَاوِيَةُ: إِنِّي وَجَدْتُ بَرْدَ أَسْنَانِكَ بَيْنَ ثَدْيَيَّ، وَوَجَدْتُ كَفَّ هَذَا تَدْفَعُ ذَلِكَ الْبَرْدَ، يَعْنِي يَوْمَ الْفِجَارِ الَّذِي كَانَ بِسَبَبِ الْبُرَاضِ، وَهُوَ يَوْمُ نَخْلَةَ، فَقَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ أَبِثَأْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تُطَالِبُنِي؟! أَفَلا آخَذْتَ الَّذِي قَالَ «1» :
أَغَرَّكَ أَنْ كَانَتْ لِبَطْنِكَ عُكْنَةٌ ... وَأَنَّكَ مَكْفِيٌّ بِمَكَّةَ طَاعِمُ
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ:
إِذَا جَاءَكَ الْبَكْرِيُّ يَحْمِلُ قُصْبَهُ ... فَقُلْ قُصْبُ كَلْبٍ صَادَهُ وَهُوَ نائم
فقال واثلة «2» :
فما منع العير الضَّرُوطَ ذِمَارُهُ ... وَلا مَنَعَتْ مَخْزَاةَ وَالِدِهَا هِنْدُ
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: سَوْءَةٌ أَجْهَلَتْنَا وَأَجْهَلْنَاكَ، وَأَسَأْنَا إِلَيْكَ وَلَنَا الْمَقْدِرَةُ عَلَيْكَ، ارْفَعْ إِلَيْنَا حَوَائِجَكَ، فَقَضَاهَا وَوَصَلَهُ.
249- الْمَدَائِنِيُّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ: شَهِدَ أَعْرَابِيٌّ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ بِشَهَادَةٍ فَقَالَ: كَذَبْتَ، فقال: الْكَاذِبُ وَاللَّهِ الْمُتَزَمِّلُ فِي ثِيَابِكَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: هَذَا جَزَاءُ مَنْ عَجَّلَ.
250- حَدَّثَنِي «3» هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ، قَالَ مُعَاوِيَةُ: خَيْرُ الصَّنَائِعِ مَا أَبْقَى ذِكْرًا حَسَنًا، وَخَيْرَ الْجُودِ مَا لَمْ يُعَدَّ سَرَفًا، وَخَيْرَ السُّلْطَانِ مَا لَمْ يُوَرِّثْ «4» صَاحِبَهُ كِبْرًا، وَرَبُّ الْمَعْرُوفِ أَفْضَلُ مِنَ ابْتِدَائِهِ «5» .