الأَشْعَرِيَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ دَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الأَمِيرُ، فَضَحِكَ مُعَاوِيَةُ وَقَالَ: بَايِعْ يَا أَبَا مُوسَى، وَبَسَطَ يَدَهُ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: أُبَايِعُ عَلَيْنَا وَلَنَا، فَقَبَضَ مُعَاوِيَةُ يَدَهُ وَانْصَرَفَ أَبُو مُوسَى، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَضَاهٍ الأَشْعَرِيُّ: يَا أَبَا مُوسَى إِنَّكَ رَأَيْتَ رِجَالا مِنْ قُرَيْشٍ يَقُولُونَ لِمُعَاوِيَةَ فَيَحْلُمُ عَنْهُمْ، فَفَعَلْتَ كَمَا فَعَلُوا، وَإِنَّهُ يَهُونُ عَلَى مُعَاوِيَةَ أَنْ يَقْتُلَكَ فَيُؤَدِّبُ بِكَ غَيْرَكَ، فَإِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ «1» : إِنَّ السُّلْطَانَ يَضْحَكُ ضَحِكَ الصَّبِيِّ وَيَصُولُ صَوْلَةَ الأَسَدِ، فَرَاحَ أَبُو مُوسَى إِلَى مُعَاوِيَةَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ بِالْخِلافَةِ وَقَالَ: مَا أَنْكَرْتَ مِنْ تَسْلِيمِي عَلَيْكَ بِالإِمْرَةِ فَقَدْ كُنَّا نَقُولُهَا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَيَرَاهَا وَغَيْرَهَا سَوَاءً، وَمَا أَنْكَرْتَ مِنْ قَوْلِي أُبَايِعُكَ عَلَيْنَا وَلَنَا؟ عَلَيْنَا الْوَفَاءُ بِهَا وَلَنَا أَجْرُهَا، فَتَبَسَّمَ مُعَاوِيَةُ وَقَالَ:

بَايَعَ أَبَا مُوسَى فَلَعَمْرِي مَا أَخْرَجْتُهَا حَتَّى زَمَمْتُهَا وَخَطَمْتُهَا، وَلَئِنْ كُنْتُ قَدْ قُلْتُ خَيْرًا لَقَدْ أَرَدْتُ شَرًّا.

172- الْمَدَائِنِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَنَفِيِّ عَنْ رَجُلٍ قَالَ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ:

مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَحَقَّ بِالْمُلْكِ مِنْ مُعَاوِيَةَ، للَّهِ دَرُّهُ إِنْ كَانَ لَحَلِيمًا وَإِنْ كَانَ النَّاسُ لَيَنْزِلُونَ مِنْهُ بِأَرْجَاءِ وَادٍ خِصْبٍ، لَمْ يَكُنْ بِالضَّيِّقِ اللَّيِّقِ الْمُتَصَعِّبِ الْحَصُوصِ «2» ، يَعْنِي الَّذِي يُحَاصُّ فِي كُلِّ شَيْءٍ.

173- الْمَدَائِنِيُّ عَنْ شِهَابِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «3» عَنْ يَزِيدَ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ: أَذِنَ مُعَاوِيَةُ لِلأَحْنَفِ ثُمَّ لِمُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، فَجَلَسَ مُحَمَّدٌ فَوْقَ الأَحْنَفِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ:

إِنِّي لَمْ آذَنْ لَهُ قَبْلَكَ لِتَكُونَ دُونَهُ إِلَيَّ، وَقَدْ فَعَلْتَ فِعْلَ مَنْ أَحَسَّ مِنْ نفسه بذلّ، إِنَّا كَمَا نَمْلِكُ أُمُورَكُمْ نَمْلِكُ تَأْدِيبَكُمْ، فَأَرِيدُوا مِنَّا مَا نُرِيدُ بِكُمْ «4» (710) فَإِنَّهُ أَبْقَى لَكُمْ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015