مَاتَ سيدنا بالعراق الفضل بْن عَبْدِ الرَّحْمَن بْن الْعَبَّاس بْن ربيعة بْن الْحَارِث. وَكَانَ الفضل زَيْديًا وَمَاتَ فِي سنة تسع وعشرين ومائة.
حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ هِشَام الكلبي عن أبيه عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: رَأَى عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ عَبْدِ مَنافٍ فِي مَنَامِهِ أَنْ يَحْتَفِيَ زَمْزَمَ وَيَحْفُرَهَا، وَدُلَّ مَوْضِعَهَا، وَكَانَتْ جُرْهُمُ دَفَنَتْهَا عِنْدَ إِخْرَاجِ خُزَاعَةَ إِيَّاهَا عَنْ مَكَّةَ، فَنَازَعَتْهُ قُرَيْشٌ حِينَ حَفَرَ زَمْزَمَ فِي حَفْرِهَا وَلَيْسَ لَهُ يَوْمَئِذٍ مِنَ الْوَلَدِ إِلا الْحَارِثُ وَحْدَهُ فَقَالَ لَهُ عَدِيُّ بْنُ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ: يَا عَبْدَ الْمُطَّلِبِ أَتَسْتَطِيلُ عَلَيْنَا وَأَنْتَ فَذٌّ لا وَلَدَ لَكَ إِلا الْحَارِثَ! فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: أَأَنْتَ تَقُولُ هَذَا؟ وَإِنَّمَا كَانَ نَوْفَلٌ أَبُوكَ فِي حِجْرِ هَاشِمٍ، وَكَانَ هَاشِمٍ خَلَفٌ عَلَى أُمِّهِ وَافِدَة نِكَاحِ مقت، ابالقلة تعيرني؟ فو الله لَئِنْ آتَانِي اللَّهُ عَشرَةً مِنَ الذُّكُورِ لأَنْحَرَنَّ أَحَدُهُمْ عِنْدَ الْكَعْبَةِ. فَآتَاهُ عَشرَةُ فَأَقْرَعَ [1] بَيْنَهُمْ فَوَقَعَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، وَكَانَ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْهِ، فَقَالَ:
اللَّهُمَّ هُوَ أَمْ مِائَةٌ مِنْ تَلادِ إِبِلِي، فَأَقْرَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مِائَةٍ مِنْ إِبِلِهِ فَوَقَعَتِ الْقُرْعَةِ عَلَى الْمِائَةِ فَنَحَرَهَا وَقَسَّمَهَا فِي فُقَرَاءِ مَكَّة وَمَنْ وَرَدَهَا مِنَ الاعراب. وقال الواقدي:
تكاءد عَبْد الْمُطَّلِبِ حفر زمزم فَقَالَ: لئن تمّ حفرها لأنحرنّ بَعْض ولدي، فوقعت القرعة عَلَى عَبْد اللَّهِ فاقرع بينه وبين مائة [2] ناقةٍ من إبله فوقعت القرعة عَلَى الإبل فنحرها. وَمَاتَ الْحَارِث بْن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي السنة الَّتِي نحر فِيهَا عَبْد الْمُطَّلِبِ الإبل وَكَانَ لابنه ربيعة بْن الْحَارِث حِينَ مَاتَ أَبُوهُ سنتان.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَ نحر الإبل قبل الفيل بخمس سنين، فكان ربيعة أسنّ من رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسبع سنين لأَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولد فِي عام الفيل. وَكَانَ ربيعة أسن من عمه الْعَبَّاس بأربع سنين. وَكَانَ الْعَبَّاس أسن من رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بثلاث سنين. وكانت لمحمد بْن ربيعة بْن الْحَارِث شعرة حسنة فذهبت، فكان أَبُو هُرَيْرَةَ الدوسي يَقُول: إِنَّمَا مثل الدنيا مثل جُمَّة [3] أَبِي حَمْزَةَ مُحَمَّد بْن ربيعة. وكانت للحارث بْن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ابْنَة يُقَالُ لها