وَكَانَ مِمَّنْ سفر بَيْنَ الْحَسَن بْن عَلِي وبين مُعَاوِيَة فِي الصلح ونزل مَعَ أَبِيهِ بالبصرة. وَكَانَ سَأَلَ مُعَاوِيَة توليته فَقَالَ: لام آلف، يَعْنِي لا، وولاه عُبَيْد اللَّه بْن زِيَاد أمر مدينة الرزق وأعطاء النَّاس، وحبسه ابْن زِيَاد ثُمَّ خلى سبيله. ولما هاج أَهْل البصرة [1] بابن زِيَاد بَعْد موت يَزِيد بْن مُعَاوِيَة واستخفى ابْن زِيَاد فِي منزل مَسْعُود بْن عَمْرو الْأَزْدِيّ، التمس أَهْل البصرة من يقوم بأمرهم فقلدوا الاختيار لَهُم النعمان بْن صهبان الراسبي وقيس بْن الهيثم السُّلمي. وَكَانَ رأي قَيس فِي بَنِي أمية ورأي النعمان فِي بَنِي هاشم، فخلا النعمان بْن صهبان بقيس فَقَالَ لَهُ: الرأي أَن نقيم رجلًا من بَنِي أمية، فَقَالَ: نِعْمَ مَا رأيت، فخرجا إِلَى النَّاس فَقَالَ قَيس:
قَدْ رضيت بمن رَضِيَ بِهِ النعمان وسماه لكم، فَقَالَ النعمان: قد اخترت لكم عبد الله ابن الْحَارِث بْن نوفل بْن الْحَارِث الهاشمي، فَقَالَ لَهُ قَيس: لَيْسَ هَذَا بالذي أعلمتني أنك تختاره، فَقَالَ: بلى لعمري مَا ذكرتُ غيره أفَبَدَا لَك وَقَدْ مضى الأمر! فرضوا بِهِ وبايعوه إِلَى [2] أَن يجتمع [3] النَّاس عَلَى إمام [4] ومكث عَلَيْهِم أشهرًا. ثُمَّ إِن (681) الأمور انتشرت واضطربت فَقِيلَ لبّبه: قَدْ أكل بَعْض النَّاس بعضًا وظهر الفساد حَتَّى أَن المرأة لتؤخذ فتفضح فلا يمنعها أحد، وَقَدِ انتشرت الخوارج بالمصر، قَالَ: فماذا ترون؟ قَالُوا: تبسط يدك وتشهر سَيْفك، قَالَ: مَا كنت لأصلحكم بفساد نفسي وديني، يَا غلام هات نعلي، فأعطاه نعله فلبسها ومضى إِلَى أهله [5] ، وَقَالَ: ولّوا أمركم من شئتم، فأمّروا عَلَيْهِم عُمَر بْن عُبَيْد اللَّه بْن معمر التيمي من قريش. وقدم بعده القباع من قبل عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْر، وَكَانَ عُمَر قَدْ أَخَذَ البيعة لابن الزُّبَيْر فزعم بَعْضهم أَنَّهُ كتب إِلَيْهِ بولايته ثُمَّ بعث بالقباع بعده. ثُمَّ إِن ببّة خرج مع عبد الرحمن ابن مُحَمَّد بْن الأشعث فَلَمَّا هزم ابْن الأشعث خاف ببّه الْحَجَّاج فهرب إِلَى عمَان فمات بِهَا بَعْد دخولها بقليل وَهُوَ شيخ كبير. وَكَانَ فِي أذن ببّه ثقل. ويقال إِن