فَقَالَ: سالم صَالِح، فسألته عَنْ حَمْزَةَ فلم يبين لَهَا شيئًا من خبره فجعلت تطلبه وَقَدْ تزاحمت الأَنْصَار عَلَيْهِ فلم تره، فَأَمَرَ [1] رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابنها الزبير ابن الْعَوَّام فردها فانصرفت. وكفن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمْزَةَ فِي بردة قصُرت عَنْهُ فغطى وجهه وجعل الحرمل عَلَى رجليه.
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: [أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حَمْزَةَ يَوْمَ أُحُدٍ فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَرَآهُ قَدْ مُثِّلَ بِهِ فَقَالَ [2] : لَوْلا أَنْ تَجِدَ صَفِيَّةُ فِي نَفْسِهَا لَتَرَكْتُهُ تَأْكُلُهُ الطَّيْرُ الْعَافِيَةُ حتى يحشر من بطونها،] ثم دعى بِنَمِرَةٍ فَكَفَّنَهُ فِيهَا فَكَانَتْ إِذَا مُدَّتْ عَلَى رَأْسِهِ بَدَتْ رِجْلاهُ وَإِذَا مُدَّتْ عَلَى رِجْلَيْهِ بَدَا رَأْسُهُ. قَالَ: وكثرت القتلى وقلت الثياب فكفّن الرجلان والثلاثة فِي ثوب واحد ودفنوا فِي قبر واحد جميعًا، وجعل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسأل عَنْهُمْ أيهم أَكْثَر قرآنا فيقدمه [3] إِلَى اللحد، ودفنهم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يصلِّ عَلَيْهِم.
وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو [4] الْوَلِيدِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ، حَدَّثَنَا ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة عَنْ أَبِيهِ عُرْوَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الزُّبَيْرُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ أقْبَلْتِ امْرَأَةٌ تَسْعَى حَتَّى كَادَتْ تُشْرِفُ عَلَى الْقَتْلَى، قَالَ: فَكَرِهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَرَاهُمْ فَقَالَ: الْمَرْأَةَ الْمَرْأَةَ! قَالَ الزُّبَيْرُ: فَتَوَسَّمْتُ فَإِذَا هِيَ أُمِّي صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَخَرَجْتُ أَسْعَى إِلَيْهَا فَأَدْرَكْتُهَا قَبْلَ أَنْ تَنْتَهِي إِلَى الْقَتْلَى قَالَ: فَلَدَمَتْ [5] فِي صَدْرِي، وَكَانَتِ امْرَأَةً جَلِدَةً وَقَالَتْ: إِلَيْكَ لا أَرْضَ لَكَ، قَالَ فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَزَمَ عَلَيْكِ، قَالَ: فَوَقَفَتْ وَأَخْرَجَتْ ثَوْبَيْنِ مَعَهَا فَقَالَتْ: هَذَانِ ثَوْبَانِ جِئْتُ بِهِمَا لأَخِي حَمْزَةَ فَقَدْ بَلَغَنِي مَقْتَلُهُ فَكَفِّنُوهُ فِيهِمَا، قَالَ:
فَجِئْتُ بِالثَّوْبَيْنِ لِيُكَفَّنَ فِيهِمَا حَمْزَةُ فَإِذَا إِلَى جَنْبِهِ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ قَدْ فُعِلَ بِهِ كَمَا فُعِلَ بَحَمْزَةَ فَوَجَدْنَا غَضَاضَةً وَحَيَاءً أَنْ يُكَفَّنَ حَمْزَةُ [6] فِي ثَوْبَيْنِ وَالأَنْصَارِيُّ بِلا كَفَنٍ