فأخبرتْ حَمْزَةَ بِذَلِك مولاة لابن جُدعان التَّيْمِيِّ، ويقال سلمى مولاة صفية بِنْت عَبْد الْمُطَّلِبِ، وقد انصرف من قنيصة [1] وَكَانَ صاحب صيد، فقصد إِلَى أَبِي جهل فضربه بقوسه فشجه وَقَالَ: أتشتم ابْن أَخِي وتضيمه وأنا عَلَى دينه، وشهد بشهادة الحق.
وقال: الواقدي [2] : نال ابو جهل وابن الاصد [3] الهذلي وابن الحمراء ذَات يَوْم من رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وآذوه، فبلغ ذَلِكَ حَمْزَةَ فدخل الْمَسْجِد مغضبًا فضرب رأس أَبِي جهل بقوسه ضربة أوضحت فِي رأسه ثُمَّ أسلم فعز بِهِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ بَعْد دُخُولُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دار الأرقم بْن أَبِي الأرقم (673) وفيها جدد البيعة عَلَى حَمْزَةَ وعلى أخته صفية بِنْت عَبْد الْمُطَّلِبِ وَكَانَ أسلم قبلها، وَكَانَ حَمْزَةُ أَسَنَّ من النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنحو من أربع سنين.
وَحَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ هِشَامٍ الْكَلْبِيُّ عن أبيه عن جده عَنْ أَبِي صَالِحٍ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ يُعَضِّدَنِي بِأَحَبِّ عُمُومَتِي اليه فعضدني بحمزة والعباس.] و [روي أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: إِنَّ اللَّهَ أَكْرَمَنِي بِإِسْلامِ خِيَارِ أَهْلِ بَيْتِي فَيَمِينِي حَمْزَةٌ وَشِمَالِي جَعْفَرٌ.] وَحَدَّثَنِي عَلِي بْن مُحَمَّد الْمَدَائِنِي قَالَ: بلغني أَن هالة بِنْت أُهيب كَانَتْ تقول، وَهِيَ تعني حَمْزَةَ: والله مَا حملته وضعًا ولا وضعته يَتْنًا ولا أرضعته غيلًا [4] ولا أنمته عَلَى مأَقة، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا القول عَنْ أم تأبط شرًا الفهمي. الوضعُ والتُّضْعُ جميعا أَن تحمله [5] عَلَى استقبال الحيض، واليَتْنُ أَن تخرج [6] رجلاه قبل رأسه، والغَيْلُ: أَن تسقيه لبنها وَهِيَ حامل، والمأقة البكاء.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: لما هاجر حَمْزَةُ نزل مَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على مكتوم ابن الهدم، وَيُقَال عَلَى سَعْد بْن خيثمة، وآخى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بينه وبين زَيْد بْن حارثة مولاه، وإليه أوصى يَوْم أُحد عِنْدَ القتال. وَكَانَ أوّل لواءٍ عقده رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لواء حَمْزَةَ ويقال كَانَ لواؤه ثانيًا [7] . وَكَانَ حمزة يوم بدر