يَا أَهْلِ بكّوا [1] لقلبي القرِحِ ... وللدموعِ الذوارف [2] السُّفُح

راحوا بيحيى فلو [3] تطاوعني ... الأقدار لَمْ يبتكر وَلَمْ يَرُح [4]

يَا خير من يحسُنُ البكاء لَهُ ... اليوم، ومن كَانَ أمس للمِدَح

أعقبتَ حزنًا من السرور وَقَدْ [5] ... أدلتَ [6] مكروهنا من الفرح

قَالَ: فبكى الْمَنْصُور وَقَالَ: صاحب هَذَا القبر أحقّ بِهَذَا الشعر. وَحَدَّثَنِي بَعْض مشايخنا أَن الْمَنْصُور قَالَ للمهدي: يَا بنيَّ، استدم النعمة بالشكر، والقدرة بالعفو، والطاعة بالتألّف، والنصر بالتواضع لِلَّهِ والرحمة لِلنَّاسِ.

وَحَدَّثَنِي الحرمازي قَالَ: لما أتى الْمَنْصُور مخرجُ مُحَمَّد بْن عَبْدِ اللَّهِ شن عليْه درعه ولبس خُفّه وصعد الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:

ما لي أُكفكف عَنْ سعدٍ ويشتمُني ... ولو شتمتُ بَنِي سعدٍ لَقَدْ سكنوا

جهلًا عَلَيْنَا وجُبنًا عَنْ عدوهم ... لبئست الخلّتان الجهل والجبن

أما والله لَقَدْ عجزوا عما [7] قمنا بِهِ فَمَا عضدوا الكافي ولا شكروا المنعم [8] فماذا حاولوا، أشرب رَنْقًا [9] عَلَى غصص وأبيتُ مِنْهُم عَلَى مضض، كلام [10] والله إني لا أصِلُ ذا رحم بقطيعة نفسي، ولئن لَمْ يرضَ بالعفو مني ليطلبنّ ما لا يوجد عندي، ولأنْ أُقتل معذورًا أحبّ إليّ من أَن أحيا مُستذلًا، فليبقِ ذو نفسٍ عَلَى نَفْسه قبل أَن يقضي نحبه، ثُمَّ لا أبكي عَلَيْهِ [11] ولا تذهب نفسي حسرة لما ناله.

حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابُنَا عَنْ إِبْرَاهِيم بْن عِيسَى الهاشمي قَالَ: خطب الْمَنْصُور يَوْم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015