الحق [1] مَا كَانَ لأبي عَلَى أبيك! ثُمَّ أمر بِهِ إِلَى المطبق، فوقع بينه وبين قوم من الرافضة مُلاحاة فوثب إِلَى خشبة فاقتلعها ثُمَّ ضربهم بِهَا، فبلغ ذَلِكَ الْمَنْصُور فأمر أَن يؤتى بِهِ. فَلَمَّا وقف بَيْنَ يديه قَالَ لَهُ: أما نهتك أولاك عَنْ أُخراك؟
فَقَالَ: يَا أمِير الْمُؤْمِنيِنَ إني كنت أسمع شَيْئًا لو سمعته لأنكرته، سمعت هَؤُلاءِ يشتمون عمومتك من المهاجرين أبا بَكْر وعمر وعثمان، فَقَالَ: ردوه إِلَى الْمَدِينَةِ.
حَدَّثَنِي الْحَسَن الحرمازي قَالَ: حبس المستهل بْن الكميت بسبب تهمة فِي أمر الطالبيين، فَقَالَ:
لئن نَحْنُ خفنا فِي زمانِ عدوِّكم ... وخفناكم إِن البلاء لراكد
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن دَاوُد الكاتب قَالَ: ولي القنجز الشيباني عملًا فألزم مالًا، فأمر الْمَنْصُور أَن يؤخذ بِهِ فحبس فِي دار العذاب وكانت إِلَى جانب المطبق، فكان يعذب فلا يُقر بشيء، فَلَمَّا طال ذَلِكَ كلم معن فِيهِ الْمَنْصُور فَقَالَ: إني عزمت أَن لا يخرج من محبسه وَهُوَ مقيم عَلَى هَذِهِ المراغمة ولكني أبعث إِلَيْهِ بمال يؤديه، فبعث إِلَيْهِ بمقدار مَا كَانَ يطالب بِهِ وَهُوَ مائة ألف درهم فَلَمَّا صار ذَلِكَ إِلَيْهِ حمله إِلَى منزله، فَقَالَ لَهُ المستخرج: احمل المال، فَقَالَ: أيّ مال، وجحد، فعُذِّب فلم يقر بشيء، فبلغ ذَلِكَ الْمَنْصُور فَقَالَ: هَذَا شَيْطَان، فخلوا سبيله، واصطنعه وَقَالَ: لا تولوه جباية، فكان يُقَالُ: أصبر من القنجز.
حَدَّثَنِي أَبُو دهمان قَالَ: عرضت عَلَى الْمَنْصُور قينة فتغنت [2] :
مَا نقموا من بَنِي أمية إلا ... أنهم يحلمون [3] إِن غضبوا
وإنهم صفوةُ [4] الملوكِ فَمَا ... تصلُحُ إلا عَلَيْهِم العربُ
فغضب وأمر بِهَا فأخرجت سحبًا. قَالَ: ويقال أَنَّهَا ألقيت من الخضراء، وَذَلِكَ باطل. وَكَانَ الْمَنْصُور لا يُرى شاربًا نبيذًا وَلَمْ يعطِ مُغنيًا شيئا قط ولا اجرى عليه