وتقدم إِلَى سوار رجلان [1] أحدهما من [2] عَبْد القيس فتحفّز العبدي فضرط فَقَالَ لَهُ سوار: أفسادٌ فِي الجاهلية وضراط فِي الْإِسْلَام! وَقَالَ رَجُل لسوّار وكانت أمّه أم ولد: إنك لقليل الخالات بالدهناء، فَقَالَ: ولكني كثير العمّات هناك.
وقضى عَلَى أعرابي فَقَالَ:
رَأَيْت رؤيا ثُمَّ عبّرتها ... وكنت للأحلام عَبّارا
رأيتني أخنق فِي نومتي ... ضبًا فكان الضبّ سوّارا
ثُمَّ أقبل يدعب خلفه [3] ورمى بنفسه عَلَيْهِ فوثب النَّاس إِلَيْهِ فنحوه عَنْهُ، فكلمه كلامًا رفيقًا وَلَمْ يعاقبه.
وخرج فِي أيامه عُبَيْد سودان يُقَالُ إنهم كَانُوا أربعين أَوْ أَكْثَر وَكَانَ اجتماعهم عِنْدَ دار عقبة بْن سلم، فاستشار فِي أمرهم فقائل يَقُول اقتلهم، وقائل يَقُول عُبَيْد أضرّ بِهِم الجوع والضر وإن تركوا تفرقوا، وقائل يَقُول وجِّه إليهم من يفرقهم من الجند، فوجه السري بْن الحصين الْبَاهِلِيَّ وعبد الله بن حي [4] بن حصين الرقاشي فلقياهم عِنْدَ دار عقبة أَوْ نهر سُلَيْمَان بالبصرة فقتل مِنْهُم أربعة عشر عبدًا، ويقال عشرة [5] ويقال سبعة عشر ويقال أقل من عشرة، فأعطى مواليهم أثمانهم وبعث برؤوسهم إِلَى الْمَنْصُور، ويقال إنه كَانَ يتصدّق فِي كُل سنة من ماله بمثل أثمانهم. وَقَالَ له السري بن الحصين [6] : مَا بالك أعظمت قتل هَؤُلاءِ؟ والله لو [7] لَمْ تقتلهم لقتلوك [8] . قَالُوا: وتفرّق من بقي من أولئك السودان فلم يعرض لَهُمْ.
قَالُوا: وَكَانَ سوّار يخذِّل النَّاس عَنْ إِبْرَاهِيم بْن عَبْدِ اللَّهِ وعن أَخِيهِ، وسوّد بَعْد خروج ابراهيم وتمثّل وهو على المنبر: