تولية مُوسَى وهارون ابنيه عهده، قَالَ لَهُ الْمَهْدِي: يَا أَبَا مُوسَى إني آمرك بأمر إِن أطعتني فِيهِ سعدتَ ورشدتَ بطاعتي وإن عصيتني استحللت منك مَا يستحلُّ من العاصي المخالف، قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: إني قَدْ عزمت عَلَى تولية مُوسَى وهارون العهدّ بعدي فاخلع العهد وأنا أعوضك منه مَا هُوَ خيرٌ لَك من الخلافة ولا سيما مَعَ كراهة القواد والجند لَك، قَالَ: فَإِنِّي قَدْ حلفت بصدقة جَمِيع مَا أملك وبعتق غلماني وجواريّ أَن لا أخلع هَذَا الأمر حَتَّى يؤتى عَلَى نفسي، قَالَ لَهُ الْمَهْدِي:
فلكّ بكل [1] درهم اثنان وبكل مملوكٍ مملوكان وبكل ضيعة ضيعتان فرضي وسلم.
وبايع الْمَهْدِي لموسى وهارون بَعْد مُوسَى ووفى لعيسى بِمَا شرط لَهُ فأعطاه عشرين ألف ألف درهم وأقطعه وأقطع ولده، فَقَالَ مَرْوَان بْن أَبِي حفصة [2] :
بمحمدٍ [3] بَعْد النَّبِيّ مُحَمَّد ... حيي الحلالُ وماتَ كلُّ حرام
عُقدت لموسى بالرصافة بيعةٌ ... شدَّ الإله بِهَا عُرى الْإِسْلَام
مُوسَى ولي عصا الخلافةِ بعدهُ ... جَفّت بِذَاك مواقُع الأقلام
مُوسَى الَّذِي عرفت قريشٌ فضَله ... وَلَهَا فضيلتُها عَلَى الأقوام
وَقَالَ قومٌ من ولد مُوسَى بْن عِيسَى: أمر الْمَنْصُور بعيسى فخنق بحمائل سَيْفه فخَلع، (657) وضمن لَهُ الْمَنْصُور رضاه فوفى لَهُ بِهِ.
وَحَدَّثَنِي أَبُو مَسْعُود قَالَ: خرج، فِي ولاية عِيسَى بْن مُوسَى للمنصور، الكوفة رجلٌ يكنى أبا الْخَطَّاب، وَكَانَ رافضيًا مسرفًا يدعي علم الغيب، وَكَانَ جَعْفَر بْن مُحَمَّد يَقُول: كَانَ أَبُو الْخَطَّاب يأتيني ويخرج من عندي فيكذّب عليّ وَيَقُول إِن السلاح لا يعمل فيَّ، فوجه عِيسَى من حاربه فقتله وأَصْحَابه وأراحني اللَّه منه.
وَفِي أَبِي الْخَطَّاب يَقُول الشاعر:
أَوْ مثل أَصْحَاب أَبِي الْخَطَّاب ... القائل الزور العمي الكذب
قَالَ لَهُمْ وقوله فضاحُ ... مَا أَن يحيك فيكم [4] السلاح