صبيحتها الْقِيَامَة، ليلة تتمخض [1] بيوم الفزع الأكبر، إِن اللَّه يَقُول: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ، إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ ... إِلَى قَوْله: لبالمرصاد [2] ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا تخويف لمن سلك جادتهم واتبع آثارهم. فبكى الْمَنْصُور ونزل عَنْ فرشه ثُمَّ سكن، فَقَالَ: يَا أَبَا عُثْمَان ناولني هَذِهِ الدواة، فأبى أَن يناوله، فَقَالَ: أقسمت لتفعلنّ، فَقَالَ: والله لا ناولتك إياها، فَقَالَ لَهُ الْمَهْدِي، وَكَانَ حاضرًا: يحلف عليك أمِير المؤمنين فتردّاه باليمين! فَقَالَ: إِن أمِير الْمُؤْمِنيِنَ [3] أقدر عَلَى الكفارة مني، ثُمَّ قَالَ: من هَذَا الفتى يَا أمِير الْمُؤْمِنيِنَ؟ قَالَ: هَذَا ابْن أخيك هَذَا مُحَمَّد الْمَهْدِي ولي عهد الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ: أرى شبابًا وجمالًا ونشاطًا وَقَدْ رشحته لأمر يصير إِلَيْهِ إِن صار وأنت عَنْهُ فِي شغل وَقَدْ وطأت لَهُ الدنيا وأنت منتقل عَنْهَا إِلَى الآخرة فهناك الحساب، إِن اللَّه قَدْ جعلك فَوْقَ كُل أحد فلا ترضى أَن يَكُون فوقك فِي طاعته أحَدٌ. ثُمَّ سكت عَمْرو، فَقَالَ لَهُ الْمَنْصُور: سلني حوائجك، فَقَالَ: حاجتي أَن لا تبعث [4] إليّ حَتَّى أجيئك ولا تعطني شيئًا حَتَّى أسألَك، ثُمَّ نفض ثوبه وقام، فاتبعه الْمَنْصُور بصرهُ وَقَالَ: شُغِلَ والله الرجل بِمَا هُوَ فِيهِ عما نَحْنُ فِيهِ، وَقَالَ:

كلكم طَالِب صيد ... وَهُوَ ذو مشي رُوَيْدِ

غَيْر عَمْرو بْن عُبَيْد

وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْن مَالِك الكاتب، عَنِ الفضل (644) بْن الرَّبِيع عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:

دَخَلَ عَمْرو بْن عُبَيْد عَلَى الْمَنْصُور وعليه طيلسان مخرق فأخذ الْمَنْصُور طيلسانًا كَانَ عَلَيْهِ طبريًا فألقاه فَوْقَ ظهره وَقَالَ لَهُ: عظني، فوعظه حَتَّى بكى، ثُمَّ قَالَ لَهُ:

سلني حوائجك، قَالَ: أولها أَن تأمر برفع الطيْلسان عني وأن لا تعطني شيئًا حَتَّى أسألك ولا تبعث إليّ حَتَّى أجيئك فَإِنَّهُ إِن جمعني وإياك بلد صرت إليك فِيهِ، ثُمَّ مضى. حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو نعيم الفضل بن دكين،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015