قَالَ الْمَدَائِنِي: وماتت ابْنَة للمنصور، فرأى الْمَنْصُور أَبَا دلامة عِنْدَ قبرها فَقَالَ:
مَا [1] أعددت لِهَذَا المضجع؟ قَالَ: الَّتِي حفر لَهَا يَا أمِير الْمُؤْمِنيِنَ، فَقَالَ: ويلك ألا قُلْت كَمَا قَالَ الفرزدق حِينَ سَأَلَهُ الْبَصْرِيّ ورآه عِنْدَ قبر النوار امرأته عَنْ مثل مَا سألتك فَقَالَ: شهادة أَن لا إله إلا اللَّه مُذ ثمانون سنة! فَقَالَ أَبُو دلامة: إنّا لا نحب المعاد من الْكَلام. وَحَدَّثَنِي الحرمازي، قال: دخل (635) أبو دلامة على المنصور فأنشده [2] :
لو كَانَ يقعدُ فوقَ الشَّمْس من كرم ... قومٌ لقيل اقعدوا يَا آل عَبَّاس
ثُمَّ ارتقوا فِي شعاع الشَّمْس كلكم [3] ... إِلَى السماء فأنتم أكرم [4] النَّاس
فَقَالَ الْمَنْصُور: لَقَدْ غدا بك أمر، قَالَ: نعم، ولدت لي [5] البارحة ابْنَة [6] فَقُلْتُ [7] فِيهَا:
فَمَا ولّدتكِ مريم أمُّ عِيسَى ... وَلَمْ يكفلك [8] لقمانُ الحكيم
ولكن قَدْ تضمُّك أمُّ سوء ... إِلَى لَبّاتها وأب لئيم
[9] فتبسم الْمَنْصُور وأمر لَهُ بأربعة آلاف درهم.
وَحَدَّثَنِي أَبُو العالية الْبَصْرِيّ قَالَ: أنشد الْمَنْصُور ابو دلامة قوله [10] :