فعله قَالَ: يَا أمِير الْمُؤْمِنيِنَ لا تدخلنَّ عَلَى نفسك مَا أرى فَإِن قدري أصغر من أَن يبلغ [1] شَيْء من أمري منك هَذَا المبلغ. وصفق الْمَنْصُور بإحدى يديه عَلَى الأخرى، فضرب عُثْمَان بْن نهيك أَبَا مُسْلِم ضربة خفيفة، فأخذ برجل الْمَنْصُور فدفعه برجله، وضربه شبيب بْن واج عَلَى حبل عاتقه ضربة أسرعت فِيهِ فَقَالَ:

وانفساه، ألا قوة ألا مغيث! فَقَالَ الْمَنْصُور: اضربوا ابْن اللخناء، فاعتوره الْقَوْم بأسيافهم، وأمر بِهِ فلفّ فِي مسحٍ ويقال فِي عباءة وصُير ناحية. وَكَانَ الطعام قَدْ وضع للحرس فِي وقت دخول أَبِي مُسْلِم فكانوا قَدْ شغلوا بِهِ فلم يعلم أحد [2] بمقتله. ووافى عِيسَى الباب فاستؤذن لَهُ فَقَالَ الْمَنْصُور: أدخلوه، فَلَمَّا وقف بَيْنَ يديه قَالَ: يَا أمِير الْمُؤْمِنيِنَ أَين أَبُو مُسْلِم؟ قَالَ: كَانَ هنا آنفًا، فَقَالَ: يَا أمِير الْمُؤْمِنيِنَ قَدْ عرفتَ طاعته ومُناصحته ورأي الامام كان فيه. فقال: اسكت يا ابن الشاة، وكانت أم عيسى توفيت وَهُوَ صَغِير أو مرضت فأرضع لبن شاة، فو الله مَا كَانَ فِي الأَرْض عدوُّ أعدى لَك منه، ها هُوَ ذا فِي البساط، والله مَا تم سلطانك إلّا اليوم. ودخل إِسْمَاعِيل بْن عَلِي وَهُوَ لا يعلم الْخَبَر فَقَالَ: إني رَأَيْت يَا أمِير الْمُؤْمِنيِنَ فِي ليلتي هَذِهِ كأنك قتلتَ أَبَا مُسْلِم وكأني وطئته برجلي، فَقَالَ:

قم فصدّق رؤياك فها هُوَ ذا فِي البساط. فوطئه ثُمَّ رجع فرمى بخفه وَقَالَ: لا ألبس خفًا وطئت بِهِ مشركًا، فأتي بخف فلبسه. وأنشد الْمَنْصُور:

وَمَا العجز الّا أن تؤامر عاجزًا ... وَمَا الفتكَ إلا أَن تهم فتفعلا

وَقَالَ أَبُو مَسْعُود: بلغني أَن الْمَنْصُور سَأَلَ أَبَا مُسْلِم عَنْ نصلين أصابهما فِي متاع عَبْد اللَّهِ بْن عَلِي، فَقَالَ: أحدهما سَيْفي الَّذِي كَانَ عَلِي. قَالَ أَبُو دُلامة مَوْلَى بَنِي أسد [3] :

أَبَا مُسْلِم [4] مَا غَيْر اللَّه نعمةً ... عَلَى عبدهِ حَتَّى يغيرها العبد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015