يجلب إليها مَا ينفق فِيهَا. قَالَ: وأقبل الْمَنْصُور يومًا راجعًا من ركوبه يريد قصره، فَلَمَّا صار عَلَى بابه رَأَى فرج بْن فضالة المحدث جالسًا فلم يقم لَهُ، فلما دَخَلَ القصر دعا بِهِ فَقَالَ: مَا منعك من القيام حِينَ رأيتني؟ قَالَ: منعني من ذَلِكَ أني خفت أَن يسألني اللَّه لَمْ فعلتُ ويسألك لِمَ رضيتَ وَقَدْ كره رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ، فسكت الْمَنْصُور وخرج فرج.

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن حبيب عَنْ أَبِي فراس قَالَ: قَالَ الْمَنْصُور لهشام بْن عروة: أتذكر يَا أَبَا المنذر حِينَ دخلتُ إليك أَنَا وإخوتي مَعَ أَبِي الخلائف وأنت تشرب سويقًا، فإنّا لما خرجنا قَالَ لنا أبونا: يَا بَنِي استوصوا بِهَذَا الشَّيْخ فَإِنَّهُ لا يزال فِي قومكم عمارة مَا بقي مثله، فَقَالَ: مَا أذكر ذَلِكَ. فَلَمَّا خرج هِشَام قيل لَهُ: ذكرّك أمِير الْمُؤْمِنيِنَ شيئًا يتوسل بدونه، فَقَالَ: لَمْ أذكر مَا ذكرني، وَلَمْ يعودني اللَّه فِي الصدق إلّا خيرًا. قَالُوا: ودخل عَلَيْهِ سوار بْن عَبْدِ اللَّهِ العنبري فَقَالَ: السَّلام عليك أمِير الْمُؤْمِنِين وَرَحْمَةُ اللَّه وَبَرَكَاتُهُ، فَقَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلام ورحمة اللَّه وبركاته [1] ، ادن يا عَبْد اللَّهِ، فَقَالَ: أَدنو عَلَى مَا مضى عَلَيْهِ النَّاس أم عَلَى مَا أحدثوا؟ قَالَ: عَلَى مَا مضى، فدنا ومد يَدَهُ، فصافحه ثُمَّ جلس. قَالَ:

وكتب الْمَنْصُور إِلَى سوار فِي بَعْض الأمور فكان فِي ذَلِكَ إضرار بقوم فلم ينفذ سوار الكتاب، فاشتد ذَلِكَ عَلَى الْمَنْصُور، فكتب إِلَيْهِ سوار: إنّ عدْلَ سوّار مضاف إليك وزين لخلافتك، فسكن غضبه وأمسك عَنْ (627) ذَلِكَ الأمر.

وَحَدَّثَنِي الْحَسَن بْن عَلِي الحرمازي قَالَ: نظر الْمَنْصُور إِلَى بَعْض القضاة، وبين عينيه سجادة فَقَالَ لَهُ: لئن كنت أردتَ اللَّه بالسجود فَمَا ينبغي لنا أَن نشغلك [2] عَنْهُ، وأن كنت إِنَّمَا أردتنا بِهَذِهِ السجادة فينبغي لنا أَن نحترس منك.

وَحَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُود الكوفي قَالَ: كَانَ يَحْيَى بْن عروة رضيع الْمَنْصُور، وَهُوَ مَوْلَى لَهُمْ، فصيرهُ أَبُو جَعْفَر عَلَى ثقله عام حَجَّ، فَلَمَّا دعا عَبْد اللَّهِ بْن عَلِي إِلَى نَفْسه حمل ثقل أَبِي جَعْفَر وجواريه وصار إِلَى عَبْد اللَّهِ بْن عَلِي، فَلَمَّا هرب استخفى يَحْيَى ثُمَّ ظفر بِهِ المنصور فأمر فقطع بالسيوف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015