والمنصور مقبل إِلَى الأنبار، فَقَالَتْ لَهُ: أَعْظَم اللَّه أجرك يَا أمِير الْمُؤْمِنيِنَ فِي أخيك فَإِنَّهُ لا مصيبةَ أَعْظَم من مصيبتك ولا عوض أفضل من خلافتك، فَقَالَ: بلى، الأجر، فَقَالَتْ: هُوَ لَك مذخور إِن شاء اللَّه، فوهب لَهَا ألف درهم.

وَحَدَّثَنِي أَبُو مَسْعُود قَالَ: حجّ الْمَنْصُور أمِير [1] الْمُؤْمِنيِنَ فِي السنة الَّتِي استخلف فِيهَا، وَفِي سنة سبع وأربعين ومائة أَوْ ثمان وأربعين ومائة، وَفِي السنة الَّتِي توفي فِيهَا. وكانت وفاته بمكة. وَحَدَّثَنِي الْمَدَائِنِي قَالَ: حج مَعَ الْمَنْصُور إِسْحَاق بْن مُسْلِم العقيلي فكان عديله فَقَالَ الْمَنْصُور ذَات يوم: لقد أبطأنا عن الحج وإني لا خاف فَوْتَهُ، فَقَالَ إِسْحَاق، وَكَانَ فِيهِ جفاء: اكتب فِي تأخير الحج إِلَى قدومك، فَقَالَ: ويحك أوَ يَكُون أَن يؤخر الحج عَنْ وقته! فَقَالَ: أوَ تريدون شيئًا فلا يَكُون! وَحَدَّثَنِي الْمَدَائِنِي قَالَ: كَانَ أمِير الْمُؤْمِنيِنَ الْمَنْصُور يَقُول: الملوك تحتمل كُل شَيْء إلا ثَلاث خلال: إفشاء السر، والتعرض للحرم، والقدح فِي الْمَلِك. وَحَدَّثَنِي الْمَدَائِنِي قَالَ، قَالَ إِسْحَاق بْن مُسْلِم العقيلي: حججت مَعَ أَبِي جَعْفَر فَقَالَ: قل للحادي احْدُ، فَقُلْتُ: يَا عَاصِم احْدُ، فحدا فأجاد. فَقَالَ: قل لَهُ: قَدْ أمر لَك أمِير الْمُؤْمِنيِنَ بألف [2] درهم فدعا لَهُ، ثُمَّ قَالَ: قل لَهُ احد أيضًا، فأعاد فأجاد، فَقَالَ:

قل لَهُ: قَدْ أمر لَك أمِير الْمُؤْمِنيِنَ بكسوة، فدعا لَهُ. ثُمَّ قَالَ: قل لَهُ احد أيضًا [3] فحدا فأجاد، فَقَالَ: قل لَهُ: أمر لَك أمِير الْمُؤْمِنيِنَ بخادم، فَقُلْتُ: يَا عَاصِم قَدْ أمر لَك أمِير الْمُؤْمِنيِنَ بخادم، فَقَالَ لي مُسرًا لقوله: بأبي أَنْتَ مُسه [4] فلعله موعوك، فأعطى ذَلِكَ الَّذِي أمر لَهُ بِهِ. حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عباد البجلي، حَدَّثَنِي زهير بْن الْمُسَيِّب عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جرى عند المنصور وما كَانَ من مداراته إياه، فَقَالَ الْمَنْصُور: إِذَا مدّ عدوك إليك يده فَإِن أمكنك أَن تقطعها وإلا فقبلها.

وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِح الْمُقْرِئ قَالَ: حَدَّثَنِي من أثق بِهِ قَالَ: كَانَ أَبُو الجهم بْن عطية مَوْلَى باهلة من أَعْظَم الدعاة قدرًا وغَنَاء، وَهُوَ الَّذِي أخرج أبا الْعَبَّاس من موضعه الَّذِي أخفاه فِيهِ أَبُو سلمة وخزيمة وقام بأمره حتى بويع،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015