وَهَذَا جائر ظَالِم يسير سير الجبابرة، وَإِنَّهُ مخالف لَهُ قَدْ أفسد عَلَيْهِ قلوب أَهْل خراسان، فدعا بِهِ فقتله. وَكَانَ عِيسَى بْن ماهان مَوْلَى خزاعة صديقًا لَهُ ومطابقًا عَلَى بَعْض أمره، فَقَالَ لِلنَّاسِ: إِن أمِير الْمُؤْمِنيِنَ قَدْ أَعْظَم قتل زِيَاد، وذم أبا مُسْلِم وأنكر فعله وَقَالَ إنه قتل رجلًا ذا قَدَمٍ وبلاء حسن فِي دولتنا، وبريء منه، وَقَدْ بعث إلي بعهدي عَلَى خراسان، ودعا قومًا إِلَى حرب أَبِي مُسْلِم فأجابوه سرًا وخالفه أقوامٌ قتلهم [1] . وَكَانَ عِيسَى يَوْمَئِذٍ بإزاء قرية وجهه أَبُو دَاوُد إِلَيْهَا ليحارب أهلها، وقدم رَسُول أَبِي الْعَبَّاس وَهُوَ أَبُو حميد إِلَى أَبِي مُسْلِم بخلعٍ وبزٍّ [2] وبكتاب يلعن فِيهِ (610) زِيَاد بْن صَالِح وأشياعه ويصوب رأي أَبِي مُسْلِم فِي قتله، فأمر أَبُو مُسْلِم أبا دَاوُد بقتل عِيسَى بْن ماهان فكتب إِلَيْهِ: إِن رَسُول أمِير الْمُؤْمِنيِنَ قَدْ قدم عَلَى الأمير بخلع وبز لَهُ وللأولياء، وذكرناك لَهُ فصر إلينا لتشركنا فِي أمرنا وسرورنا وترى رَسُول أمِير الْمُؤْمِنيِنَ فتعرفه حالك، فقدم عَلَى أَبِي دَاوُد فَقَالَ: خذوا ابْن الفاعلة، وأمر بِهِ فأدخل فِي جوالق ثُمَّ ضرب بالخشب حَتَّى مَاتَ، فكتب أَبُو الْعَبَّاس إِلَى أَبِي مُسْلِم يعظم قتل عِيسَى ويأمره أَن يقتل أبا دَاوُد بِهِ، فكتب فِي جواب ذَلِكَ يعذر [3] أبا دَاوُد خَالِد بْن إِبْرَاهِيمَ ويذكر أَن ابْن ماهان لو ترك لكان منه مثل الَّذِي كَانَ من زِيَاد بْن صَالِح من إفساد النَّاس وحملهم عَلَى المعصية والخلاف.
قَالُوا: ونزل عَبْد اللَّهِ بْن عَلِي عَلَى نهر أَبِي فطرس، وكانت ببالس ابْنَة لمسلمة بْن عَبْدِ الْمَلِك، فخطبها عامل عَبْد اللَّهِ بْن عَلِي وَهُوَ رَجُل من أَهْل خراسان فأنعمت لَهُ وَقَالَتْ: أتهيأ لَك، وكتبت إِلَى أَبِي الورد مجزأة بْن الهذيل بْن زفر الكلابي [4] تستجير بِهِ، فخرج أَبُو الوازع أَخُو أَبِي الورد فِي جَمَاعَة فأتوا بالس والخراساني فِي الحمام فدخلوا عَلَيْهِ فقتل، ولحق بِهِمْ أَبُو الورد [5] ودعا النَّاس فأجابه من قيس وغيرها