حَتَّى نزل بمروان [1] الأمر فَقَالَ لَهُ: إِن الْقَوْم محتاجون إِلَى مثلك، فاستأمن إليهم فلعلك تنفعني [2] فِي حياتي أو تحفظني [3] فِي حرمتي بَعْد وفاتي، فأنشأ عَبْد الحميد يَقُول أَوْ ينشد:

أُسِرُّ وفاءً ثُمَّ أُظهر غدرةً ... فَمَنْ لي بعذرُ يُوسع النَّاس ظاهره [4]

وأنشد أيضًا:

فلومي ظاهر لا شك فِيهِ ... لِلَائِمَةٍ وعذري بالمغيب

ثُمَّ قَالَ: يَا أمِير الْمُؤْمِنيِنَ، إِن الَّذِي أمرتني بِهِ أنفع الأمرين لَك وأقبحهما لي، ولكني أصبر [5] حَتَّى يفتح اللَّه عليك أَوْ أقتل معك [6] ، فأخذ فحبس ثُمَّ قتل.

وَحَدَّثَنِي عدة من ولد عَبْد الحميد بْن يَحْيَى أَن عبد الحميد استخفى فوجد بالشام أو بالجزيرة، فدفعه أَبُو الْعَبَّاس إِلَى عَبْد الجبار بن عبد الرحمن وكان على شرطته [7] ، فكان يحمى طستًا ويضعه عَلَى رأسه حَتَّى مَاتَ. وَكَانَ يَقُول: ويحكم إنا [8] خطباء كُل دولة. وسُئل عَنْ أَمْوَالِ [9] مَرْوَان فَقَالَ: والله مَا أعلم منها إلا مَا تعلمون.

وَحَدَّثَنِي بَعْض ولد عَبْد الحميد أَنَّهُ كَانَ يكنى أبا يَحْيَى وأنه كَانَ يَقُول: من كَانَ منطقه أَكْثَر من عقله كَانَ منطقه عَلَيْهِ، ومن كَانَ عقله أَكْثَر من منطقه كَانَ منطقه لَهُ.

وَحَدَّثَنِي ابْن القتات قَالَ: لما وَلِيَ أَبُو الْعَبَّاس مدح أَبُو عَطَاء السّندي [10] بَنِي الْعَبَّاس فَقَالَ:

إِن الخيار من البرية هاشم ... وبنو [11] أمية أرذل الأشرار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015