قَالُوا: وَكَانَ ابْن هبيرة يَقُول حِينَ حُصر [1] : والله لو كَانَ أَبُو جَعْفَر (602) أعزّ من كليب وائل مَا قدر عَلِي، ولو كَانَ أشجع من شبيب مَا هِبتُه. وَقَالَ الْمَنْصُور لإسحاق بْن مُسْلِم العقيلي: كَيْفَ رَأَيْت صنيعي [2] بابن هبيرة؟ قَالَ: تغرير [3] وَقَدْ سلّم اللَّه، كنت [4] في خرق وحولك [5] من يعطيه ويموت دونه ويتعصب لَهُ من قَيْس وغيرها فلو ثاروا لذهب النَّاس ولكن أمركم جديد والناس بَيْنَ راجٍ وهائب. وَقَالَ هِشَام:
خرج ابْن هبيرة حِينَ خرج إِلَى أَبِي جَعْفَر فِي جَمَاعَة فيهم جَعْفَر بْن حنظلة البهراني [6] فألقى لَهُ الحاجب وسادة وَقَالَ: اجلس راشدًا يَا أبا خَالِد، وَقَدْ أطاف بالحجرة عشرة آلاف من أَهْل خراسان، ثُمَّ أذن لَهُ فدخل عَلَى أَبِي جَعْفَر فألقيت لَهُ وسادة فحدث أبا جَعْفَر ساعة. وَكَانَ يركب فِي خمس مائة فارس وثلاث مائة راجل، فَقَالَ يزيد ابن حاتم: مَا ذهب سلطان ابْن هبيرة بعدُ، إنه ليأتينا فيتضعضع لَهُ العسكر، فليت [7] شعري ما يقول في هذا عبد الجبار وجمهور بْن مرار وأشباههم! فَقَالَ سلام لابن هبيرة [8] : يَقُول لَك الأمير لا تسر فِي هَذِهِ الْجَمَاعَةِ. فَلَمَّا ركب ركب فِي ثلاثين، فَقَالَ سلام: كأنك تريد المباهاة! فَقَالَ: إِن أحببتم أَن نمشي إليكم فَعَلنا، فَقَالَ: مَا هَذَا باستخفاف ولكن أَهْل العسكر كرهوا هَذَا الجمع فأمر الأمير بِهَذَا نظرًا لَك، فكان يركب فِي رجلين [9] وغلامه. وختمت خزانته وَبَيْت ماله ودار الرزق وفيها طَعَام كثير. وعزم أَبُو الْعَبَّاس عَلَى قتله ووُجد لَهُ كتاب إِلَى عَبْد اللَّهِ بْن حسن فأمر أَبُو جَعْفَر عُثْمَان بْن نَهيك [10] بقتله فَقَالَ: ليقتله رَجُل من العرب، فندب لَهُ خازمًا [11] والأغلب والهيثم بن شعبة.