ابنا معقل محبوسين بالكوفة مَعَ قوم حبسهم يُوسُف بْن عُمَر من أَهْل الجبل بسبب الخراج، فكان أَبُو مُسْلِم يخدمهما ويقضي حوائجهما وَهُوَ فِي ذَلِكَ مَعَ أَبِي مُوسَى السراج صاحبه يخرز الأعنَّة ويعمل السروج وَلَهُ بضاعة في الادم. وكان [1] عاصم ابن يُونُس الْعِجْلِيُّ محبوسًا بسبب فسادٍ فكان يخدمه أيضا وكان شيعيا. فقدم سليمان ابن كثير ولاهز وقحطبة الكوفة يريدون الحج، فدخلوا عَلَى عَاصِم مسلمين فرأوا أبا مُسْلِم عنده فأعجبهم عقله وظرفه وأدبه وشدة نَفْسه وذهابه بِهَا، ومال إليهم فعرف أمرهم فَقَالَ: أنا أصحبكم وأكون معكم، فسألوا أبا مُوسَى (585) السراج أَن يعينهم بِهِ وَكَانَ من كبار الشيعة، ففعل وكتب مَعَهُ كتابًا إِلَى إِبْرَاهِيم الْإِمَام وَقَدْ كَانَ علم أَن إِبْرَاهِيم عَلَى الحج فِي سنته وأن الْقَوْم واعدوه الالتقاء بمكة. فشخص أَبُو مُسْلِم معهم ووجدوا إِبْرَاهِيم بمكة فأعطوه عشرين ألف دِينَار ومائتي ألف درهم وأوصلوا إِلَيْهِ كسًى حملوها لَهُ، ورأى إِبْرَاهِيم الْإِمَام فعرفه وأثبته لأنه كَانَ يراه أَيَّام اخْتِلافه إِلَى أَبِيهِ فِي محبسه [2] وتأمل أمره وأخلاقه فأعجبه منطقه ورأيه [3] وجزالته فَقَالَ: هَذَا عضلة من العضل، ومضى بِهِ فكان يخدمه. ثُمَّ إِن هَؤُلاءِ النقباء قدموا عَلَى إِبْرَاهِيم يطلبون رجلًا يتوجه معهم إِلَى خراسان، فعرض عَلَى سُلَيْمَان بْن كثير أَن يَكُون ذَلِكَ الرجل فأبى وعرض مثل ذَلِكَ عَلَى قحطبة فأبى فأراد توجيه رَجُل من أَهْل بيته فكره ذَلِكَ وذكر أبا مسلم فأطرياه ووصفا عقله وعلمه بِمَا [4] يَأْتِي ويذر، فاستخار اللَّه ووجهه إِلَى خراسان [5] فنزل عَلَى سُلَيْمَان بْن كثير فكان والشيعة جميعًا لَهُ مُكرمين مبجلين سامعين مطيعين وجعل أمرهم ينمو حَتَّى كَانَ منه مَا كَانَ [6] .
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الصمد بْن مُوسَى بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيمَ الْإِمَام قَالَ: كَانَ أَبُو مُسْلِم لبعض أَهْل هراة أَو بوشنج فقدم مولاه على الإمام وقدم به معه فأعجبه عقله فابتاعه منه بألفين وعشرين درهمًا وأعتقه ومكث عنده سنين ثُمَّ وجهه إِلَى خراسان.