من وراءنا من رجالنا ونحن مِنْ مُلك الدنيا وسعتها فِي خندق. فرحل عَبْد اللَّهِ من خندقه، ونزل أَبُو مُسْلِم رأس العين ثُمَّ انكفأ راجعًا حَتَّى نزل خندق عَبْد اللَّهِ، ونزل عَبْد اللَّهِ خندقه وَقَالَ: إِنَّمَا كَانَتْ هَذِهِ مكيدة من العبد. وكاتَبَ أَبُو مُسْلِم أهل خراسان فانحاز إِلَيْهِ بشر مِنْهُم، ووقعت فِي نفس ابْن عَلِي تهمتهم وسوء الظن بمن بقي مَعَهُ مِنْهُم فأمر حباش بْن حبيب صاحب شرطته فقتل مِنْهُم خلقًا.
وحارب أَبُو مُسْلِم ابْن عَلِي أربعة أشهر، ثُمَّ إنهم اقتتلوا ذَات يَوْم قتالًا شديدًا وَقَدْ خَف أَصْحَاب ابْن عَلِي وأتت أبا مُسْلِم الأمداد وأبو مُسْلِم يَقُول:
فرَّ من الْمَوْت وَفِي الْمَوْت وقعْ ... من كَانَ ينوي أهلَهُ فلا رجع
فانهزم أَصْحَاب ابْن عَلِي أقبح هزيمة، وهرب فصار إِلَى ناحية حران ثُمَّ إِلَى الرقة وعبر إِلَى جسر الرقة ثُمَّ أحرقه وسار فِي البر حَتَّى أتى البصرة فنزل عَلَى سُلَيْمَان بْن عَلِي أخيه، وَكَانَ أَبُوهُ قَدْ أوصاه بِهِ فيما يُقَالُ. وَكَانَ أَبُو مُسْلِم لما قدم مقدمته وعليها حميد بْن قحطبة من الموصل لقوا عَبْد الصمد بْن عَلِي ببلد فقاتله حميد فهزمه ثُمَّ أخذه أسيرًا. ويقال إِن أبا مُسْلِم وجه فِي أَيَّام محاربته ابْن عَلِي حُمَيْدًا إِلَى عَبْد الصمد وَهُوَ بالجزيرة فقاتله وهزمه حَتَّى لحق بالرصافة فأُخِذ بِهَا وأُتيَ بِهِ أَبُو مُسْلِم، فوجه الْمَنْصُور مرزوقًا أبا الخصيب مولاه فحمله إِلَيْهِ فِي سلسلة، فكلمه فِيهِ إِسْمَاعِيل بْن عَلِي فعفا عَنْهُ وأمر لَهُ بألف دِينَار. وَقَالَ بَعْضهم: قدم بِهِ أَبُو مُسْلِم مَعَهُ.
وَقَالَ بَعض وَلده: أتى الكوفة فاستخفى بِهَا حَتَّى كُلّم الْمَنْصُور فِيهِ فأمنه [1] ووصله. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِيُّ فِي بَعْض روايته: هُزم عَبْد الصمد فهرب إِلَى الرصافة، ووافاه ابْن عَلِي منهزمًا هاربًا فمضى وأقام عَبْد الصمد لأمرٍ أراده وعزم عَلَى أَن يتبع [2] ابْن عَلِي من يومه وَلَمْ ير أنه مطلوب فوافاه زبارة ابن جَرِير، وَكَانَ مِمَّنْ رُتب بقرقيسيا، فجر برجله ثُمَّ أوثقه وحمله إِلَى أَبِي مُسْلِم وَهُوَ بتل مَذايا [3] . وقدم صَالِح بْن عَلِي بْن عبد الله من مصر متمسكا