الْوَلِيد من ذَلِكَ مَا أحب وأراد، فدَعَا بعلي بْن عَبْدِ اللَّهِ وسأله عَنْ خبر سليط فحلف أَنَّهُ لا يعلم من خبره شيئًا بَعْد قيامه (563) للصلاة، وأنه لَمْ يأمر فِيهِ بأمر، فسأله إحضار عُمَر الدن، فحلف أَنَّهُ لا يعرف موضعه، فوجه الْوَلِيد إِلَى الجُنينة من سرح فِيهَا الماء، فَلَمَّا انتهى إِلَى موضع الحفرة الَّتِي دفن فِيهَا سليط دخلها فانخسفت، فأمر الْوَلِيد بعلي بْن عَبْدِ اللَّهِ فأقيمَ فِي الشَّمْس، وَجَعَلَ عَلَى رأسه الزيت، وضربه ستين أَوْ أحدًا وستين سوطًا، وألبَسَهُ جبة صوف وحَبَسه ليخبره خبر سليط ويدله عَلَى الدن وصاحبه، وَكَانَ يُخرج فِي كُل يَوْم فيقامُ فِي الشَّمْس، وَكَانَ عباد بْن زِيَاد لَهُ صديقًا، فجاءه فألقى عَلَيْهِ ثيابه، وكلم الْوَلِيد فِي أمره فأمر أَن يسير إِلَى دهلك، وَهِيَ جزيرة فِي البحر، فكلمه سُلَيْمَان بْن عَبْدِ الْمَلِك فِيهِ وسأله ردَّه، فأرسل من يحبسه حيث لحقه. ثُمَّ كلم الْوَلِيد عبادُ [1] بْن زِيَاد فِي عَلِي وَقَالَ: إنه لَيْسَ بالفلاة [2] موضع، فأذن لَهُ فنزل الحجر [3] ، فلم يزل بالحجر حَتَّى هلك الْوَلِيد سنة ست وتسعين وولي سُلَيْمَان بْن عَبْدِ الْمَلِك فرده إِلَى دمشق.
وَكَانَ عَلِي يَرْوِي فِي نزول الشراة أثرًا فانتقل إِلَيْهَا.
وَحَدَّثَنِي هِشَام بْن عمار، حَدَّثَنَا مشايخنا قَالُوا: تولى ضرب عَلِي بْن عَبْدِ اللَّهِ بَيْنَ يدي الْوَلِيد أَبُو الزعيزعة البربري مولاه فجزع (564) فَقَالَ لَهُ مَوْلَى لَهُ يكنى أبا نزار: لا تجزع [4] ، فَقَالَ: إِن كرام الْخَيْلِ تجزع من السوط، ثُمَّ قَالَ: لا تُساكني، فنزل الشراة.
وَقَالَ الهيثم بْن عدي: ضربه خمس مائة سوط وَقَالَ: لا تُساكني، فنزل الحميمة.
وَحَدَّثَنِي أَبُو مَسْعُود الكوفي ابْن القتات عَنْ إسحاق بن عيسى بن علي عن أبيه، قَالَ: كَانَ الْوَلِيد بْن عَبْدِ الْمَلِك ينتقص عَلِي بْن عَبْدِ اللَّهِ ويشتمه، فرأى عَبْد الْمَلِك أَبَاهُ فِي منامه يَقُول لَهُ: يَا هَذَا مَا تريد من عَلِي بْن عَبْدِ اللَّهِ فَقَدْ ظلمته، والله لا يبتزكم أمركم ولا يسلب ملككم إلا ولده، فازداد بِذَلِك بغضة له