مَعَ الْوَكِيلِ حِينَ رَجَعَ، فَقَالَ لِعُبَيْدِ اللَّهِ، إِنَّ الْمَدْحَ لَيَقِلُّ لَكَ غَيْرَ أَنِّي أُنْشِدُكَ أَبْيَاتًا كُنْتُ قُلْتُهَا فِيكَ [1] ، فَأَنْشَدَهُ:
تَوَسَّمْتُهُ [2] لَمَّا رَأَيْتُ مَهَابَةً ... عَلَيْهِ فَقُلْتُ الْمَرْءُ مِنْ آلِ هَاشِمِ
أَوِ الْمرْءُ مِنْ آلِ الْمُرَارِ فَإِنَّهُمْ ... مُلُوكٌ وَأَبْنَاءُ الْمُلُوكِ الأَكَارِمِ
فَقُمْتُ إِلَى عَنْزٍ بَقِيَّةُ أَعْنُزٍ ... فَجَدَلْتُهَا فِعْلُ امْرِئٍ غَيْرِ نَادِمِ
فَعَوَّضَنِي مِنْهَا غِنَايَ وَجَادَ لِي ... بِمَا لَمْ يَجُدْ عَفْوًا بِهِ كَفُّ آدَمِي
فَقُلْ لِعُبَيْدِ اللَّهِ لا زِلْتَ سَالِمًا ... عَزِيزًا وَمَنْ عَادَيْتَهُ غَيْرَ سَالِمِ
وَكَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ يَقُولُ: ثَوْبُكَ على غيرك أحسن منه عليك.
وحدثني بَكْرُ بْنُ الْهَيْثَمِ عَنْ أَبِي الْحَكَمِ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ:
كَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ عَامِلا لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَى الْيَمَنِ، فَأُهْدِيَ إِلَيْهِ عَنْبَرٌ وَحُلَلٌ وَذَهَبٌ، فَبَلَغَتْ قِيمَةُ ذَلِكَ مَالا عَظِيمًا، فَفَرَّقَ جَمِيعَ مَا أُهْدِيَ إِلَيْهِ عَلَى مَنْ حَضَرَهُ، حَتَّى لَقَدْ كَانَ فِي مَنْزِلِهِ صَانِعٌ يُصْلِحُ دَرَجَةً لَهُ فَأَعْطَاهُ مِنْ ذَلِكَ مَا قِيمَتُهُ مِائَتَا دِينَارٍ. قَالَ بَكْرٌ: وَسَمِعْتُ شَيْخًا مِنْ أهل اليمن يحدث عن عبيد الله ابن عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: الْجَوَّادُ مَنْ آسَى مِنَ الْكَثِيرِ وَآثَرَ بِالْقَلِيلِ. قَالَ، وَكَانَ يَقُولُ:
أَفْضَلُ الْجُودِ مَا عَدَّهُ الْجَاهِلُ سَرَفًا.
حَدَّثَنِي أَبُو مَسْعُودٍ الْكُوفِيُّ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، حَدَّثَنِي خَالِدٌ مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ قَالَ:
وَفَدَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ قَدْ جَعَلَ لَهُ حِينَ صَارَ إِلَيْهِ وَفَارَقَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَيُقَالُ أَلْفَيْ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَأَعْطَاهُ مُعَاوِيَةُ مَا جَعَلَ لَهُ، فَمَا رَامَ دِمَشْقَ حَتَّى قَسَمَ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَهُ. فَقِيلَ لَهُ: أَسْرَفْتَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْلا لَذَّةُ الإِعْطَاءِ وَاكْتِسَابِ الْمَحَامِدِ مَا بَالَيْتُ أَلا أَكْتَسِبَ الْمَالَ وَأَلا أَرَى مُعَاوِيَةَ وَلا يَرَانِي.
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ عَن الْوَاقِدِيِّ قَالَ: كَانَ عُبَيْد اللَّه بْن عَبَّاس عاملًا لعلي عَلَى اليمن، وَهُوَ أحد من نزل فِي قبر عَلِي حِينَ قُبر بالكوفة. ولم يزل