وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الْوَاقِدِيِّ عَنْ ابْنِ جُعْدُبَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ:

وَفَدَ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَضَى حَوَائِجَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَبُو أَيُّوبَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنيِنَ: لِي مَالٌ وَلا غِلْمَانَ فِيهِ يَقُومُونَ به، فأعطني ما لا أَشْتَرِي بِهِ غِلْمَانًا، فَقَالَ:

أَلَمْ أُعْطِكَ لِوِفَادَتِكَ وَأَقْضِ حَوَائِجَكَ فِي خَاصَّتِكَ وَعَامَّتِكِ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ:

فَمَا لَكَ عِنْدِي شَيْءٌ سِوَى ذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ: أَلا تَفْعَلُ يَا مُعَاوِيَةُ، [فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَنَا: إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً يَا مَعَاشِرَ الأَنْصَارِ فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي [1] ،] قَالَ: فَاصْبِرْ يَا أَبَا أَيُّوبَ، قَالَ: أَقُلْتَهَا يَا مُعَاوِيَةُ؟

وَاللَّهِ لا أَسْأَلُكَ بَعْدَهَا شَيْئًا أَبَدًا. وَبَلَغَ ابْنَ عَبَّاسٍ قَوْلُ مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ وَافِدٌ عَلَيْهِ وَقَدْ تَيَسَّرَ لِلْخُرُوجِ، فَأَعْطَى أَبَا أَيُّوبَ قِيمَةَ مِائَةِ مَمْلُوكٍ وَأَعْطَاهُ جَمِيعَ مَا كَانَ فِي دَارِهِ ثُمَّ شَخَصَ.

قَالُوا: ولما أخرج عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْر مُحَمَّد بْن الحنفية عَنْ مَكَّة أغلظ لهُ ابْن عَبَّاس (552) وَقَالَ لَهُ: أتُخرج بَنِي عَبْد الْمُطَّلِبِ عَنْ حرم اللَّه وَهُمْ أحقُّ بِهِ منك! فَقَالَ: وأنت أيضًا فالحقْ بِهِ، فخرج إِلَى الطائف فمات بِهَا، وأوصى عليَّ بْن عَبْدِ اللَّهِ بإتيان الشام والتنحي عَنْ سلطان ابْن الزُّبَيْر إِلَى سلطان عَبْد الْمَلِك، فكان عَبْد الْمَلِك يحفظ لَهُ ذَلِكَ.

قَالُوا: ولما صار عَلِي بْن عَبْدِ اللَّهِ إِلَى دمشق ابتنى بِهَا دارًا ثُمَّ صار وولده إِلَى الحميمة وكُداد من عمل دمشق.

حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الصباح البزاز، حَدَّثَنَا هُشَيْم عَنْ أَبِي جمرة قَالَ: توفي ابْن عَبَّاس بالطائف.

حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ الْهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ: كَانَ عَبْد اللَّهِ بْن عَبَّاس مديد القامة حيد [2] الهامة مستدير الوجه جميله أبيضه، وليس بالمفرط البياض، سبط اللحية، فِي أنفه قنًى، معتدل الجسم، وَكَانَ أَحْسَن النَّاس عينًا قبل أَن يكف بصره، وكفَّ قبل موته بست سنين او نحوها وتوفي بالطائف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015