عَلَى الصَّدَقَاتِ، قَالَ: فَبَعَثَ الْعَبَّاسُ ابْنَهُ الْفَضْلَ وَبَعَثَنِي أَبِي رَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَيْهِ فَأَجْلَسَنَا عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ، ثُمَّ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ بِأُذُنِي وَأُذُنِ الْفَضْلِ فَقَالَ: أَخْرِجَا مَا تُسِرَّانِ، فَقُلْنَا: بَعَثَنَا (538) إِلَيْكَ عَمُّكَ وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَسْأَلُونَ أَنْ تَجْعَلَ لَهُمْ نَصِيبًا فِي هَذِهِ السِّعَايَةِ، [فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَبَى لَكُمْ يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنْ يُطْعِمَكُمْ أَوْسَاخَ أَيْدِي النَّاسِ، أَوْ قَالَ غُسَالَةَ أَيْدِي النَّاسِ، وَلَكِنْ لَكُمَا عِنْدِي الْحِبَاءُ وَالْكَرَامَةُ، أما أنت يا فضل فقد زوجتك فلانة، وَأَمَّا أَنْتَ يَا عَبْدَ الْمُطَّلِبِ فَقَدْ زَوَّجْتُكَ فُلانَةً،] فَرَجَعْنَا فَأَخْبَرْنَا بِقَوْلِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَحَدَّثَنِي عَمْرُو النَّاقِدُ قَالَ: وَيُرْوَى عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْعَبَّاسَ مَشَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ الْفَضْلُ وَعَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ فَكَلَّمَهُ فِي تَوْلِيَتِهِمَا مِمَّا وَلاهُ اللَّهُ وَقَالَ: إِنَّ هَذَيْنِ ابْنَا عَمِّكَ، وَقَدْ بَلَغَا وَلَيْسَ لَهُمَا نِسَاءُ فَلَعَلَّهُمَا يُصِيبَانِ مِمَّا يُصِيبُ النَّاسُ فَيَتَزَوَّجَانِ، [فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ وَمَا أنا بموليهما] .
حدثني عباس بن هشام عن أبيه عن أَبِي السَّائِبِ الْمَخْزُومِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَنَّهُ سَمِعَ الْفَضْلَ بْنَ الْعَبَّاسِ يَقُولُ بِالشَّامِ: وَاللَّهِ مَا بَخِلَ بِالْمَالِ مَنْ أَيْقَنَ بِالْخَلَفِ، وَلا اسْتَغْنَى بِالْكَثِيرِ مَنْ لَمْ يُغْنِهِ الْكَفَافُ، وَلا خَافَ الْعَوَاقِبَ مَنْ أَمِنَ شَرَّ النَّاسِ.
وَقَالَ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَلْبِيُّ: قَالَ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ حِينَ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ: هَذَا أَمْرُ اللَّهِ الَّذِي لا مَرَدَّ لَهُ، فَصَبْرًا وَاحْتِسَابًا وَتَسْلِيمًا، وَاللَّهِ مَا أَخَافُ الْمَوْتَ الَّذِي لَهُ خُلِقْتُ وَلَكِنِّي أَخَافُ التَّقْصِيرَ فِي الْعَمَلِ.
حَدَّثَنِي أَبُو حَفْصٍ الشَّامِيُّ [1] ، حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ الدِّمَشْقِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ الطَّاعُونَ قَالَ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ، وَكَانَ فَتَى قُرَيْشٍ يَوْمَئِذٍ عَقْلا وَجَمَالا وَشَجَاعَةً وَمُرُوءَةً: إِنَّ أَحَقَّ مَا صُبِرَ [2] عليه ما لا سبيل الى تبديله.