وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ لَقِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسُّقْيَا فَلَمْ يُفَارِقْهُ حَتَّى دَخَلَ مَعَهُ مَكَّةَ فَفَتَحَهَا ثُمَّ انْصَرَفَ مَعَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَكَانَ الْعَبَّاسُ وَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُلامَهُ أَبَا رَافِعٍ وَرَسُولُ اللَّهِ بِمَكَّةَ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَشَّرَ أَبُو رَافِعٍ رَسُولَ اللَّهِ بِقُدُومِهِ مُعْلِنًا لإِسْلامِهِ فَأَعْتَقَهُ.
وَحَدَّثَنِي عَبَّاس بْن هشام عن أَبِيهِ عن أبي السَّائِبِ الْمَخْزُومِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
كَانَ الْعَبَّاسُ أَكْرَمَ (536) قُرَيْشٍ: لَهُ ثَوْبٌ لِعَارِيهِمْ، وَجَفْنَةٌ لِجَائِعِهِمْ، وَمِقْطَرَةٌ [1] لِجَاهِلِهِمْ، وَكَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ نَدِيمًا لأَبِي سُفْيَانَ، فَجَاوَرَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ رَجُلًا لَمْ يَحْمَدْ جِوَارَهُ، فَقَالَ لَهُ [2] عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيُّ [3] :
إِنْ كَانَ جَارُكَ لَمْ تَنْفَعْكَ ذِمَّتُهُ ... حَتَّى سُقِيتَ [4] بِكَأْسِ الذُّلِّ أَنْفَاسًا
فَأْتِ القباب فكن من أهلها سددا [5] ... تَلْقَى ابْنَ حَرْبٍ وَتَلْقَى [6] الْمَرْءَ عَبَّاسًا
قَرْمَيْ قُرَيْشٍ وَحَلَّا فِي ذَوَائِبِهَا [7] ... بِالْمَجْدِ وَالْحَزْمِ مَا حَازَا وَمَا سَاسَا
سَاقِي الْحَجِيجِ وَهَذَا مَاجِدٌ أنف [8] ... والمجد يورث أخماسا وأسداسا
وحدثني بكر بْن الهيثم، حَدَّثَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ أَبِي أَبْيَضَ بَضًّا رَجِلَ الشَّعْرِ حَسَنَ اللِّحْيَةِ فِي رِقَّةٍ، تَامُّ الْقَامَةِ رَحْبُ الْجَبْهَةِ أَهْدَبَ الأَشْفَارِ، أَوْ قَالَ أَوْطَفَ، أَقْنَى الأَنْفِ [9] عَظِيمَ الْعَيْنَيْنِ [10] سَهْلَ الْخَدَّيْنِ بَادِنًا جَسِيمًا، وَكَانَ قبل ان تكبر سنّه