الْمَوَائِدُ كَفَّ النَّاسُ عَنِ الطَّعَامِ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُبِضَ فَأَكَلْنَا بَعْدَهُ وَشَرِبْنَا، وَتُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ فَأَكَلْنَا بَعْدَهُ وَشَرِبْنَا، وَإِنَّهُ لا بُدَّ مِنَ الأَكْلِ [1] ، فَأَكَلَ وَأَكَلَ النَّاسُ، قَالَ: فَعَرَفْتُ قَوْلَ عُمَرَ.
ومن حَدِيث الْوَاقِدِيِّ وغيره، إِن اللَّه فتح عَلَى نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خيبر، وَكَانَ الْحَجَّاج بْن عِلاط السُّلَمي قدمَ من غارةٍ لَهُ يَوْم خيبر فأسلم واستأذن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إتيان مَكَّة ليأخذ مالًا لَهُ هناك عِنْدَ زوجته أم شَيْبَة بِنْت عمير أخت مُصْعَب بْن عمير العَبدري، فأذن لَهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ذَلِكَ، فقدم مَكَّة وأهلُها لا يَعْلَمُونَ بخبر خيبر ولا بإسلامه، فَقَالَ لقريش متقربًا إِلَيْهَا: إِن مُحَمَّدًا قَدْ أسِر ونُكب أَصْحَابه، فَلَمَّا بلغ الْعَبَّاس ذَلِكَ اشتد عَلَيْهِ وغمَّه فخرج مُدَلها حَتَّى لقي الْحَجَّاج فِي خلوة [2] فسأله عَنِ الْخَبَر، فَقَالَ:
أكتم عليَّ فداك أَبِي وأمي جميعَ مَا أقول لَك ثلاثًا حَتَّى آخذ مالي عندّ زوجتي ثُمَّ أظهر الأمر، إني قد أسلمت وان رسول الله [3] قَدْ ظفر، وجئتك وَهُوَ عروس بابنة ملك خيبر، فَسُرِّيَ عنهُ، فَلَمَّا مضت ثلاثة أَيَّام وخرج الْحَجَّاج يريد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، غدا الْعَبَّاس عَلَى قريش وعليه حُلة خز مصبوغة وَهُوَ متعطر [4] فوقف عَلَى بَاب أم شَيْبَة فَقَالَ: أَيْنَ الْحَجَّاج؟ قَالَتْ: خرجَ يبتاعُ مِمَّا غنم أَهْل خيبر من مُحَمَّد وأَصْحَابه، فَقَالَ: ذاك والله الباطل، لَقَدْ خلص ماله، وَإِنَّكَ لا تَحلين لَهُ حَتَّى تتبعي [5] دينه، فَقَالَتْ: صدقت والثواقب، ثُمَّ أتى قريشًا فَقَالُوا: مَا هَذَا التجلد يَا أبا الفضل؟ فأخبرهم الْخَبَر فسيء بِهِمْ واكتأبوا وجعل بَعْضهم يصدق وبعضهم يكذب، حَتَّى ورد عَلَيْهِم الْخَبَر بَعْد يومين أَوْ ثلاثة أَيَّام، وَذَلِكَ [6] فِي سنة سبع.
حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسحاق بن يسار