فكتب إليه (ابن الحنفية) : إني لا أبايع حَتَّى يجتمع النَّاس عليك، فَإِذَا اجتمعوا كنت أول من يبايع.

فلما قتل عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْرِ، وَهُوَ يومئذ بالشعب أَيْضًا، سرح أبا عَبْد اللَّهِ الجدلي بكتاب منه إِلَى عَبْد الملك يسأله فِيهِ الأمان لنفسه وأصحابه.

وبعث إِلَيْهِ الحجاج يأمره بالبيعة، فأبي وَقَالَ: قد كتبت إِلَى عَبْد الملك كتابا فَإِذَا جاءني جوابه بما سألته بايعت. قال: أو تشترط على أمير المؤمنين/ 524/ أو 262 ب/ الشروط؟ لتبايعني طائعا أَوْ كارها!! فأتاه عَبْد الله ابن عمر بْن الخطاب، فَقَالَ لَهُ: مَا تريد من رجل مَا نعلم فِي زماننا مثله؟! أمسك عَنْهُ حَتَّى يأتيه كتاب ابْن عمه.

وقد كَانَ كتاب عَبْد الملك أتى الحجاج قبل قتل ابْن الزُّبَيْر يأمره فِيهِ بالكف عَن ابْن الحنفية والرفق بِهِ، فأمسك الحجاج (عنه) حَتَّى قدم عَلَى ابْن الحنفية رسوله أَبُو عَبْد اللَّهِ الجدلي بجواب كتابه ببسط الأمان، وتصديق قوله، ووصف مَا هُوَ عَلَيْهِ فِي إسلامه وعفافه وفضله وقرابته وعظيم حقه، وَقَالَ لَهُ: لعمري لئن ألجأتك إِلَى الذهاب فِي الأرض خائفا لقد ظلمتك وجفوتك وقطعت رحمك، فبايع الحجاج عَلَى بركة اللَّه. وأمره بالقدوم عَلَيْهِ آمنا مأمونا وفي الرحب والسعة وإلى الكرامة والأثرة والمواساة.

فخرج (ابن الحنفية) إِلَى الحجاج فبايعه لعبد الملك، وأشخصه الحجاج إليه معه فِي جماعة منهم عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن عُثْمَان، ومحمد بْن سعد بْن أَبِي وقاص، وعروة بْن الزُّبَيْرِ، فلما قدم عَلَى عَبْد الملك أعظمه وأكرمه وبره وأقبل عَلَيْهِ، فحسده الحجاج على ما رأى من اقتفاء عَبْد الملك بِهِ [1] فَقَالَ:

والله يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لقد أردت أن أضرب عنقه لولا تقدمك إليّ في أمره لتأخره وتثاقله عن البيعة. فَقَالَ لَهُ عَبْد الملك مهلا يَا حجاج. فسأله ابن الحنفية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015