وخرج ابْن الحنفية وأصحابه يريدون الشَّام، وخرج كثير عزة أمامه وَهُوَ يقول:
هديت يَا مهدينا ابْن المهتدي ... أنت الَّذِي نرضى بِهِ ونرتجي
أنت ابْن خير النَّاس من بعد النبي ... أنت إمام الحقّ لسنا نمتري
يا ابن علي سر ومن مثل علي؟!
وأتي ابْن الحنفية «مدين» وبها مظهر بْن حبي العكي من قبل عَبْد الملك، فحدثه أصحابه بما كَانَ من غدر عَبْد الملك بعمرو بْن سعيد بن العاص بعد أن آتاه العهود المؤكدة. فحذره ونزل «أيلة» [1] وتحدث النَّاس بفضل مُحَمَّد وكثرة صلاته وزهده وحسن هديه، فلما بلغ ذَلِكَ عَبْد الملك ندم عَلَى إذنه لَهُ فِي قدوم بلده، فكتب إِلَيْهِ: إنك قدمت بلادنا بإذن منا، وقد رأيت أن لا يكون فِي سلطاني رجل لم يبايعني، فلك ألف ألف درهم أعجل لك منها مأتي ألف درهم، ولك السفن الَّتِي أرفأت إِلَيْك من مصر [2] . وكانت سفنا بعث إِلَيْهِ فِيهَا بأمتعة وأطعمة.
فكتب إِلَيْهِ ابْن الحنفية: قد قدمنا بلادك بإذنك إذ كَانَ ذَلِكَ لك موافقا، وارتحلنا عنها إذ أنت لجوارنا (كنت) كارها.
وقدم ابْن الحنفية فنزل الشعب بِمَكَّةَ، فبعث إِلَيْهِ ابْن الزُّبَيْر: ارتحل عَن هَذَا الشعب فما أراك منتهيًا عَنْهُ [3] أَوْ يشعب الله لك ولأصحابك أصنافا