فلما قرأ الكتاب الوارد عَلَيْهِ بخبره استوى قاعدًا فتلا قول اللَّه عز وجل «وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ، كُلَّما أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ، وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ» (64/ المائدة) ثُمَّ أمر فنودي فِي النَّاس بالرحيل، وحملت الأثقال وَقَالَ: آتي الْكُوفَة فأطأ أصمختهم [1] وأنزل عَلَى رقابهم وأكون مكبحة لهم [2] ثُمَّ دعا بثيابه ودابته. فلما قربت ليركبها تمثل قول جذل الطعان الكناني.

سيروا إلى القوم بإخزاع ولا ... تأخذكم من لقائهم وجل

فالقوم أمثالكم لهم شعر ... فِي الرأس لا ينشرون إن قتلوا

ثُمَّ ركب دابته فبات بنهر صرصر، ثُمَّ غدا متوجها إِلَى الْكُوفَةِ فنزل قصر أَبِي الخصيب مولاه.

قَالَ: [3] فلما قتل مُحَمَّد بْن عَبْدِ الله بالمدينة، وإبراهيم بالبصرة أقبل (المنصور) إِلَى بغداد، ومعه عَبْد اللَّهِ بْن الربيع الحارثي يسايره، فَقَالَ لَهُ عَبْد اللَّهِ بْن الربيع: لقد كَانَ عَبْد الملك حازما. قَالَ: أجل كَانَ رجل قومه فما بلغك عَنْهُ؟ قَالَ عَبْد اللَّهِ: بلغني عَنْهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أنه لما أنشد قول الأخطل:

قومٌ إِذَا حاربوا شدوا مآزرهم ... دُونَ النِّسَاء ولو باتت بأطهار [4]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015