الذي كان في يده. فقال: يا أمير المؤمنين، ما خامر لحمي ودمي قطّ فاعفني. فأعفاه، ثم قال: أنشدني شعرا. فقال: إنّي لقليل الرّواية للأشعار. فقال: لا بدّ. فأنشده (?):
باتوا على قلل الأجبال تحرسهم … غلب الرّجال فلم تنفعهم القلل
واستنزلوا بعد عزّ من أماكنهم … وأودعوا حفرا يا بئس ما نزلوا
ناداهم صارخ من بعد ما قبروا … أين الأسرّة والتّيجان والحلل (?)
أين الوجوه التي كانت منعّمة … من دونها تضرب الأستار والكلل (?)
فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم … تلك الوجوه عليها الدّود تقتتل
قد طالما أكلوا دهرا وما شربوا … فأصبحوا بعد طول الأكل قد أكلوا
قال: فأشفق من حضر على عليّ بن محمد، وظنّوا أنّ بادرة ستبدر إليه من المتوكّل، فو الله لقد بكى المتوكّل بكاء طويلا حتى بلّ لحيته بدموعه، وبكى من حضره، وأمر برفع الشّراب، وقال: يا أبا الحسن، لقد ليّنت منّا قلوبا قاسية، وذكّرتنا ما أنساناه النّعم، فأقسم بالله عليك، أعليك دين؟ فقال: نعم، أربعة آلاف درهم. فأمر بدفعها إليه، وأمر بردّه إلى منزله من ساعته مكرما.
632 - عديّ بن زيد العبادي: