لنا غير هذه الصّبابة، فآثرناك بها على أنفسنا، واستللناها لك من أفواهنا، ولو بعثت (?) إليّ لأنفذت إليك منها ما يكفيك، فأتاك عفوا ولم تتجشّم إلينا سفرا ولا مشقّة، ولم تحتج إلى سوانا، وذلك لك مني أبدا ما بقيت.
فأقسمت عليك لما أصبحت [إلا] (?) على ظهر ناقتك، وتداركت أهلك فخلّصتهم من هذه المحنة. فقمت إلى ناقتي فإذا هي قد ضعفت فقال:
ما أرى في ناقتك فضلا، يا غلام، ناقتي الفلانية. فجاء بها برحلها فكانت والله أحبّ إليّ من كلّ ما ساقه إليّ، ثم دعا بناقتين فأوقرهما بالمال والثياب وزاد يكفيني لطريقي، ووهب لي عبدين، وقال: هما يسقيان لك، ويرعيان إلى أن ترد، فإن شئت ترتبطهما وإن شئت تبيعهما. أفألام أن أغصّ حذار سخط هذا بريقي فضلا عن الماء القراح؟
506 - مرّ يزيد بن المهلّب بأعرابيّة في خروجه من سجن عمر بن عبد العزيز فقرته عنزا، فقبلها، ثم قال لابنه معاوية: ما معك من النّفقة؟ فقال: ثمان مئة دينار. فقال: ادفعها إليها. فقال: يا أبه، إنّك تريد الرّجال ولا يكون الرجال إلاّ بالمال، وبعد فهذه يرضيها اليسير، وهي لا تعرفك. فقال: إن كانت ترضى باليسير فأنا لا أرضى إلاّ بالكثير، وإن كانت لا تعرفني فأنا أعرف نفسي. ادفع إليها المال.
507 - وذكر العتبي قال: أشرف عمر بن هبيرة الفزاري (?) من قصره يوما