نفس عبارة الحديث تشهد بإعجاب النصارى أيضًا، لأن قوله وأهل الكتاب إذا كان عطفًا على اليهود يكونون داخلين فيما وصف بهم اليهود والنصارى من جملة أهل الكتاب فهم أيضًا داخلون فيه وإلا ظهر أن يكون أهل الكتاب بالنصب والواو بمعنى مع، وهذا الوجه يدخل فيهم النصارى أيضًا لأنّهم من أهل الكتاب (?).
قلت: لم يقل (ح) أن النصارى لم يكونوا في أهل الكتاب، ولا صرح بإخراجهم بل كلامه ظاهر في إدخالهم، ولا صرح أيضًا بنفي إعجابهم، بل نظر على الإطلاق لا سيما وقد جعلهم الكرماني تبعًا، إذ لا يلزم من إعجابهم بصلاته إلى غير الكعبة أن يكونوا في ذلك تبعًا لليهود بل اعجاب اليهود من وجهين:
أحدهما: مخالفته لقبلة إبراهيم -عليه السّلام- مع قوله إنّه على ملة إبراهيم.
ثانيهما: موافقته لهم في قبلتهم وإعجاب النصارى من الجهة الأولى فقط، فطاح جميع ما اعترض وانقلب عجبه ممّن تقدّم عَجَبًا مِنْهُ، ثمّ أنّه لا يبالي أن يأخذ كلام السابق أولًا وآخرًا فيدعيه لنفسه ثمّ يتعقب منه ما يظن أنّه متعقب والله المستعان.
قال (ح): في قول البخاريّ عقب حديث البراء قال -وهو حدّثنا أبو إسحاق عن البراء- في حديثه هذا أنّه مات على القبلة قبل أن تحول رجال الحديث.
قوله: قال زهير، أي ابن معاوية بالإسناد المذكور بحذف أداة العطف كعادته في الموصول، وإثبات حرف العطف في المعلق، ووهم من قال: أنّه