قال (ع): الجواب عن الأوّل أن قوله أبعد من خص ... إلى آخره كلام ساقط لا طائل تحته لأنّ من لم يخص هذا الحديث بصيام القضاء والنذر وصوم الكفارة، يلزم منه نسخ مطلق الكتاب بخبر الواحد، لأنّ الله تعالى قال: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ ...} إلى أن قال: {... ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إلى اللّيْلِ} فكان أمرًا بالصوم متراخيًا عن أول النهار، والأمر بالصوم يغني عن النية إذ لا صوم شرعًا بدون النية، ولأن إتمام الشيء يقتضي معًا بقية وجود بعضه، وهذا هو السر الخفي الذي استبعده من لا وقوف له على دقائق الكلام ومدارك استخراج المعاني من النصوص، فأمّا دعوى الأبعدية في تفرقة الطحاوي فهي دعوى باطلة، لأنّ الحامل للطحاوي على هذه التفرقة حديث عائشة قوله - صلّى الله عليه وسلم - لها: "أعِنْدَكِ شَىءٌ؟ " قالت: لها، قال: "فَإنِّي صَائِمٌ".
وأمّا كلام إمام الحرمين فلا يوجد أسمج منه، لأنّه من يتعقب كلام أحد إن لم يذكر وجهه ما يقبله العلماء، وإلا يكون كلامه غثاءً لا أصل له (?).