قال: دعوى التخصيص بلا دليل خارجي لا يقبل، وإنّما قال ذلك لأنّ الكلام عام في السؤال عن التّوحيد وغيره، فمن خصه بالتوحيد يحتاج إلى دليل، فإن استدلوا بالحديث فهو ضعيف، وهذا القائل فهم أن النزاع إنّما هو من جهة التعميم في قوله {أَجْمَعِينَ} وليس كذلك، وإنّما هو في قوله {عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} فإن العمل هنا أعم من أن يكون توحيدًا أو غيره، وتخصيصه بالتوحيد تحكم، قوله: فيدخل فيه المسلم والكافر غير مسلم، لأنّ الضمير في قوله: {لَنَسْأَلَنَّهُمْ} يرجع إِلَى الْمُسْتَهْزِئِينَ {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} وهم ناس مخصوصون، ولفظ {أَجْمَعِينَ} وقعت تأكيدًا للضمير المذكور في النِّسْبَةِ مع الشمول في أفراده المخصوصين ثمّ تعليل هذا القائل، فإن الكافر ... الخ ليس له دخل في صورة النزاع على ما لا يخفى (?).
قلت: لا يخفي ما في كلامه من الخبط والتحامل ودعواه أن الضمير في "لَنَسْألَنهُمْ" للمستهزئين مردود بل هو راجع إلى المشركين المذكِورين في قوله {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ، فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} فذكر المستهزئين وقع استطرادًا، وفائدته التحريض على امتثال الأمر بالصدع المأمور به.
قوله: سئل أي العمل أفضل؟ قال: "إيمَانٌ باللهِ وَرَسُولهِ" قيل: ثمّ ماذا؟ قال: "الْجِهَادُ في سبيلِ اللهِ" قيل: ثمّ ماذا؟ قال: "حَجٌ مَبرُورٌ".
قال الكرماني: الإيمان لا يتكرركالحج، والجهاد قد يتكرر، والتّنوين ليس للإفراد الشخصي (?) والتعريف للكمال لأنّ الجهاد لو وقع مرّة ثمّ احتيج إليه فلم يقع لم يكن أفضل.