قال (ع): أراد هذا القائل الرد على الطحاوي ومن قال بقوله فإنّه قال: الخطبة المذكورة يعني يوم النَّحر ليست من متعلّقات الحجِّ لأنّه لم يذكر فيها- شيئًا من أمور الحجِّ وإنّما ذكر فيها وصايا عامة ولم ينقل أحد أنّه علمهم فيها شيئًا من الذي يتعلّق بيوم النَّحر فعرف أنّه لم يقصد ليوم الحجِّ (?).
وكذا قال ابن القصّار من المالكية: إنّما فعل ذلك من أجل تبليغ ما ذكره لكثرة الجمع الذي اجتمع من أقاصي الدنيا فظن الذي رآه أنّه خطب.
قال: وأمّا ذكره الشّافعيّ يعني أن بالناس حاجة إلى تعليم أسباب التحلل فليس بمتعين لأنّه يمكنه أن يعلمهم إياها يوم عرفة.
قال (ح): وأجيب بأنّه - صلّى الله عليه وسلم - حثهم في الخطبة المذكورة على تعظيم يوم النَّحر، وعلى تعظيم شهر ذي الحجة، وعلى تعظيم الشهر الحرام، وقد جزم الصّحابة بتسميتها خطبة فلا يلتفت لتأويل غيرهم.
وأمّا قوله: كان يمكنه تعليمهم يوم عرفة فيعارض بمثله فيستغني عن الخطبة ثاني يوم النَّحر، وقد أثبتوها بل كان يمكنه تعليم جميع ذلك يوم التروية ولكن لما كان في كلّ يوم أعمال ليست في غيره حسن تجديد التعليم.
وقد ذكر الزّهري وهو عالم زمانه أن بني أمية نقلوا خطبة يوم النَّحر إلى ثأني يوم النَّحر، أخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح عنه ولفظه: كان النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - يخطب يوم النَّحر فشغل الأمراء يوم النَّحر فأخروه إلى الغد.
وأمّا قول الطحاوي أنّه لم ينقل أنّه علمهم شيئًا من أسباب التحلل فلا ينفى وقوع ذلك أو شيء منه في نفس الأمر بل قد ثبت في حديث عبد الله ابن عمر، وقال - صلّى الله عليه وسلم - للناس حيئذ: "خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ" ووعظهم بما