قلت: ليس معناهما واحد، فإن معنى حَمِيَ النهار اشتد حره، ومعنى تتابع تواتر، فالمراد حَمِيَ الوحي اشتداده وهجومه، وتتابعه تواتره وعدم انقطاعه، وإنّما يكتف بحمي لأنّه لا يستلزم الإستمرار والدوام، فلذلك قال: وتتابع، وهذا من الأسرار الرِّبَانية والأفكار الرّحمانية، والتواتر مجيء الشيء يتلو بعضه بعضًا من غير خلل، ولقد أبعد من قال: وتتابع تأكيد معنوي، لأنّ التأكيد المعنوي ألفاظه مخصوصة، وإن لم يردّ التأكيد الإِصطلاحي فهو ما يكون بين لفظين معناهما واحد، وقد ثبت تغايرهما (?).
قال (ح): لم يقتصر الجميع على ما ادعاه من وحدة المعنى فيهما بل جوزوا المغايرة، وقد جوزوا رد الأوّل إلى الثّاني، فقالوا: حمي كناية عن مجيئه كثيرًا، ومعنى الكثرة موجود في التتابع أيضًا، وليس هذا بعجيب فإن اللّفظ قد يصير بمعنى اللّفظ بضرب من التّأويل، ثمّ في قوله الشراح كلهم مجازفة عظيمة لأنّه حين كتابته هذا الشرح لم يستمد إِلَّا من الفتح أو الكرماني. ولم يراجع إلى التلويح والتوضيح وكل شيءٍ ينسبه إلى أي مصنف اتفق من شراح البخاريّ إنّما يتلقاه عنه من أحد الشيوخ الثّلاثة، فكيف يتوجه قوله الشراح كلهم؟! والله المستعان.
قوله:
تابعه عبد الله بن يوسف وأبو صالح.
قال (ح): هو عبد الله بن صالح كاتب اللَّيث ووهم من زعم أنّه أبو صالح عبد الغفار بن داود الحراني (?).