قلت: وكلف الحكم في هذا إلى النظر أن القائلين تكلم بغير تأمل أو تصرف من غير وجه، وما أظن هذا المعترض إِلَّا تأمل التي لا يفيد التأمل مع قصور الفهم أو غلبه السخط، فالله المسؤل أن يستر عوراتنا، ومن نظر في هذا الباب خاصّة إلى كلام الرجلين قضى العجب من ظلم هذا الرَّجل حيث عمد إلى كلام الشارح الذي قبله العجب أن أسهر فيه ليله وأتعب فيه بدنه وأعمل فيه، وخصوصًا يخرج طرق من بنى لله مسجدًا ولقد أقام فيه نحو الشهر حتّى اجتمع له ما لم يجتمع فيه لغيره فيعمد هذا الظالم فيكفيه كما هو ساكتًا عن نسبته إلى من سبقه موهمًا أنّه من تصرفه معبرًا في بعض مقوله. قلت: حتّى إذا تخيل أن في شيء من الكلام خللًا مَّا أدى حينئذ الأمانة، ونسب القول لقائله في وجه حسنه ويأبى الله إِلَّا أن يتم نوره، رَبَّنَا احكم بيننا وبين قومنا بالحق.
ومن جملة ما ذكره في هذا الباب.
قوله: "بَنَى اللهُ مِثْلَهُ"
قال (ح): إسناد البناء إلى الله مجاز، وإبراز الفاعل فيه لعظيم ذكره جلَّ اسمه، أو لئلا يتنافر الضمائر أو لدفع توهم عوده على باني المسجد (?).
قال (ع): ما نصه: قوله: "بنى الله" إسناد البناء إلى الله مجاز إتفاقًا قطعًا، فإن قلت: إظهار الفاعل لماذا؟ قلت: لأنّ في تكرار اسمه تعظيم له وتلذذ للذاكر.
وقال بعضهم: لئلا يتنافر الضمير أو يتوهم عوده على باني المسجد، وكلا الوجهين غير صحيح، أمّا الأوّل: فإنّما يكون إذا كثرت الضمائر، وأمّا الثّاني فممنوع قطعًا انتهى (?).